شكلت العلاقات التجارية بين الولايات المتحدة والصين حيزاً مهماً من اقتصاد البلدين في العقود الأخيرة. لكن حصة الصين من إجمالي الواردات الأميركية انخفضت بشكل ملحوظ منذ فرض ترامب الرسوم الجمركية خلال فترة ولايته الأولى، مما دفع بعض المحللين إلى الإشارة إلى أن بكين قد تكون في وضع أفضل هذه المرة لتحمل إجراءات الرئيس.
أضرت الرسوم الجمركية الانتقامية، التي فرضتها الصين على الولايات المتحدة، ببضائع أميركية قيمتها نحو 14 مليار دولار، وبدد الآمال في إمكانية تجنب حرب تجارية بين أكبر اقتصادين في العالم. وأعلنت بكين الرسوم الجمركية الأسبوع الماضي رداً على قرارا لرئيس الأميركي دونالد ترامب فرض رسوم إضافية بنسبة 10% على المنتجات الصينية، وهو ما وصفه الرئيس الأميركي دونالد ترامب بأنه “طلقة افتتاحية” في هجوم تجاري متجدد ضد الصين.

بالمقارنة مع التعرفات الأميركية الشاملة، فإن الإجراءات التي اتخذتها الصين، والتي تستهدف الصادرات الأميركية من الغاز الطبيعي المسال والفحم والنفط الخام والمعدات الزراعية وكذلك بعض سلع السيارات برسوم تتراوح بين 10% إلى 15% يُنظر إليها على أنها تخلق مساحة للمفاوضات لتجنب صراع تجاري واسع النطاق، وفق فايننشال تايمز.
في سياق آخر، أعلنت بكين الأسبوع الماضي عن إجراء تحقيق لمكافحة الاحتكار في شركة غوغل، محرك البحث الخاص بها المحظور في الصين، وشركة إلومينا الأميركية للتكنولوجيا الحيوية. وأدرجت الشركة القابضة لعلامتي الملابس الأميركيتين كالفين كلاين وتومي هيلفيغر على القائمة السوداء.
إلى ذلك، أكدت الصين سيطرتها على سلسلة توريد العناصر الأرضية النادرة من خلال تقييد الصادرات إلى الولايات المتحدة من خمسة معادن مهمة تستخدم في الصناعات المرتبطة بالدفاع، والألواح الشمسية، وبطاريات السيارات الكهربائية، وغيرها من منتجات الطاقة الخضراء.
وتنتج الصين نحو 60% من المعادن النادرة في العالم، وتمثل 90% من عمليات المعالجة في هذه الصناعة. وكانت الأسواق المالية تأمل في البداية أن يتبع ترامب نفس قواعد اللعبة مع الصين كما هو الحال مع كندا والمكسيك، والتي أعلن عنها أيضاً تعرفات جمركية، لكنه أعطى بعد ذلك مهلة لمدة شهر بعد محادثات اللحظة الأخيرة مع قادتهم. وكان ترامب قد قال إنه سيتحدث مع الرئيس الصيني شي جين بينغ، لكنه قال في وقت لاحق إنه “ليس في عجلة من أمره” للقيام بذلك.
وأشار الخبراء إلى أن بكين ربما اعترضت على تكتيكات ترامب، حيث أعلنت عن الرسوم الجمركية قبل يومين فقط من دخولها حيز التنفيذ، وقبل التواصل مع المسؤولين الصينيين لإجراء المفاوضات.
الرئيس ترامب وجه اتهامات لكل من الصين، والمكسيك وكندا، بالفشل في الحد من تدفق مادة الفنتانيل الأفيونية القاتلة إلى الولايات المتحدة. كما أصدر تعليماته إلى الممثل التجاري الأميركي بالتحقيق في امتثال الصين للمرحلة الأولى من الصفقة التجارية التي أبرمها مع الصين في عام 2020 خلال فترة ولايته الأولى في البيت الأبيض، والتي وافقت بكين بموجبها على شراء المزيد من المنتجات الأميركية.
وقال محللون إنه من المقرر أن يعلن الممثل التجاري الأميركي نتائج التحقيق في الأول من أبريل، وعندها قد تكون هناك مواجهة أخرى. واتخذت بكين بعض الإجراءات لوقف تدفق مكونات الفنتانيل، منذ قمة في سان فرانسيسكو في أواخر عام 2023 شارك فيها الرئيس الأميركي آنذاك جو بايدن وشي. لكن إدارة ترامب تتهم بكين بدعم الشركات الصينية التي تصنع الفنتانيل.