شهد الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، صباح اليوم، افتتاح احتفالية اليوبيل الذهبي للعلاقات المصرية – الإماراتية “٥٠ عاما .. مصر والإمارات قلب واحد”، التي تنعقد تحت رعاية الرئيس عبدالفتاح السيسي، رئيس الجمهورية؛ بمناسبة مرور ٥٠ عاماً على انطلاق العلاقات الدبلوماسية والأخوية بين جمهورية مصر العربية، ودولة الإمارات العربية المتحدة.
وحضر الاحتفالية كل من الدكتورة هالة السعيد، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية، والسيد محمد القرقاوي، وزير شئون مجلس الوزراء بدولة الإمارات، وعدد من الوزراء من الجانبين المصري والإماراتي، والسيد/ أحمد أبو الغيط، أمين عام جامعة الدول العربية، وكذا سفراء عدد من الدول لدى مصر، إلى جانب لفيف من المسئولين والشخصيات البارزة.
وألقى الدكتور مصطفى مدبولي كلمة، استهلها بالترحيب بالسادة الحضور في مصر التي تعتز دائماً بضيوفها الكرام من جميع الدول العربية الشقيقة، قائلا: نشهد اليوم الاحتفال بمرور خمسين عاماً على انطلاق العلاقات الدبلوماسية والأخوية بين جمهورية مصر العربية، ودولة الإمارات العربية المتحدة.
وأضاف أن هذه الاحتفالية تُعقد برعاية كريمة من فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيس الجمهورية، تحت شعار “مصر والإمارات قلب واحد”، وبمشاركة جمع متميز رفيع المستوى من السادة الوزراء، وممثلي حكومَتَى البلدين، والسادة سفراء الدول العربية الشقيقة، وممثلي القطاع الخاص والمجتمع المدني المصري والعربي، بالإضافة إلى ممثلي المؤسسات التنموية الدولية والإقليمية.
وأشاد الدكتور مصطفى مدبولي بروح الأخوة والتعاون التي كانت وراء إطلاق هذه الاحتفالية التي تمتد على مدار ثلاثة أيام لتغطي مجالات التعاون الاقتصادي والاستثماري والثقافي، مؤكدا أن هذه المناسبة الغالية تُمثل فرصة مهمة يجب علينا أن نستثمرها لتنمية القواسم المشتركة، وتأكيد معاني الأخوة في الجسد العربي الواحد، فدولة الإمارات العربية المتحدة كانت دائماً أول المساندين للدولة المصرية في أدق اللحظات الفارقة في تاريخها الحديث.
وأشار إلى أن مصر وأبناءها كانوا دوماً حريصين على أن يسهموا بجهودهم على أرض دولة الإمارات، من خلال عملهم في مجالات التعليم، والصحة، والثقافة، والقضاء. وكانت حبات عرق المصريين حاضرة وبقوة إلى جوار جهود أشقائهم في بناء معالم دولة الإمارات الحديثة التي نفخر بما حققته من إنجازات عالمية على كافة المستويات.
وأكد رئيس الوزراء أن مصر والإمارات تربطهما علاقات تاريخية وثيقة وممتدة في مختلف المجالات، قائلا: ينعكس عمق واستثنائية العلاقات المصرية – الإماراتية التي تمتد جذورها إلى الراحل الكريم الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان مؤسس دولة الإمارات العربية المتحدة، لتزداد عمقاً ورسوخاً في عهد الرئيس عبدالفتاح السيسي، رئيس جمهورية مصر العربية، وأخيه صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة، من خلال حرص القيادة السياسية في البلدين على تبادل الزيارات دائما.
وتابع: جمع بين الزعيمين لقاءات متعددة خلال السنوات الأخيرة، تكللت بلقائهما على أرض مصر في أغسطس الماضي، في إطار الرغبة المشتركة في تبادل الرؤى بشأن القضايا الدولية والإقليمية والأوضاع الراهنة بالمنطقة العربية، والتأكيد على أهمية توحيد الجهود الرامية إلى إرساء دعائم الأمن والاستقرار والسلام في المنطقة، حيث شهدت السنوات الأخيرة تنسيقاً وثيقاً تجاه القضايا الرئيسية.
وأوضح الدكتور مصطفى مدبولي أن ملامح العلاقة الاستراتيجية بين مصر والإمارات قد تبلورت في السنوات الأخيرة لتُمثل نموذجاً مبهراً للعلاقات العربية القادرة على مواجهة التحديات في مختلف المجالات، من خلال العمل المشترك والدعم المتبادل خلال الأزمات.
وأضاف: اتخذت دولة الإمارات العربية المتحدة خطوات استباقية لتقديم الدعم للدول العربية المختلفة خلال الأزمات السياسية والاقتصادية المتلاحقة، وآخرها جائحة فيروس “كورونا”، والتي وجهت ضربة قوية للاقتصاد العالمي، وما أعقبها من اندلاع الأزمة الروسية – الأوكرانية، التي أحدثت موجة من الاضطرابات الاقتصادية والتغيرات الجيوسياسية على مستوى العالم، وضاعفت التحديات المتعلقة بتوفير التمويل اللازم لبرامج الرعاية الصحية والاجتماعية، ومختلف برامج التنمية، وهو ما استدعي بدوره عقد الشراكات الفاعلة وبالأخص بين دولنا العربية الشقيقة في محيطنا العربي.
وفي إطار حديثه عن الشراكة بين مصر والإمارات، أشاد رئيس الوزراء بحجم الشراكات الاستثمارية والتجارية والصناعية بين البلدين، والتي انعكست زيادة وتيرتها في السنوات الأخيرة إيجابياً على حجم الاستثمارات الإماراتية في مصر، وعدد الشركات الإماراتية العاملة في السوق المصري.
وأوضح أنه، على صعيد الاستثمارات الأجنبية المباشرة، ترتبط مصر والإمارات بعلاقات استثمارية قوية، ولاسيما في الفترة الأخيرة، من خلال الشراكة المصرية الإماراتية في تنفيذ عدد من المشروعات الاستراتيجية، وهو ما انعكس في ارتفاع إجمالي الاستثمارات الإماراتية المباشرة في مصر لتسجل نحو 4.6 مليار دولار خلال الأشهر التسعة الأولى من العام المالي 2021/2022، لتحتل بذلك الإمارات المرتبة الأولى من بين الدول المرسلة لتدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر إلى مصر بحصة تقدر بنحو 29 % من إجمالي الاستثمارات الأجنبية المباشرة المتدفقة إلى مصر خلال تلك الفترة، ونحو 72% من إجمالي الاستثمارات الأجنبية المباشرة العربية المتدفقة إلى مصر خلال نفس الفترة.
وأضاف: حرصت الدولتان على تأسيس الدعائم التي من شأنها تعزيز حركة تدفق التجارة والاستثمارات بين البلدين، وهو ما ترجمه إبرام مصر والإمارات لعدد من اتفاقيات تشجيع وحماية الاستثمار، وتجنب الازدواج الضريبي، من أجل تشجيع الاستثمار وزيادة فرص العمل وتعزيز التبادل التجاري والتعاون الاقتصادي بين الدولتين.
وأشار الدكتور مصطفى مدبولي، في كلمته، إلى أن القوى العاملة المصرية رافداً رئيسياً للتنمية الاقتصادية في الإمارات منذ عقود، في إطار علاقات التعاون والأخوة التي تجمع بين البلدين والتي رسخ أواصرها المغفور له، بإذن الله، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان مؤسس دولة الإمارات العربية المتحدة، ففي هذا السياق، شهدت تحويلات العمالة المصرية العاملة في الإمارات ارتفاعاً خلال الأشهر التسعة الأولى من العام المالي 2021/2022 لتصل إلى 3.3 مليار دولار، لتحتل الإمارات بذلك المرتبة الثالثة من حيث الدول المرسلة لتحويلات العمالة إلى مصر.
كما أكد حرص الدولة المصرية على التوجه المستقبلي نحو المزيد من تعزيز الشراكات الاقتصادية الناجحة مع شقيقتها دولة الإمارات العربية من خلال تنفيذ عدد من المشروعات الإنتاجية، لاسيما في المجالات الزراعية والصناعية لزيادة مستويات الاكتفاء الذاتي، لتقليل مستوى تأثر الدولتين بالاضطرابات في سلاسل الإمداد العالمية، والمشاركة الفعّالة من قبل المستثمرين الإماراتيين في برامج الطروحات وآليات الشراكة مع المستثمرين الأجانب، في إطار توجه مصر نحو تنفيذ وثيقة “سياسة ملكية الدولة” للأصول خلال المرحلة المقبلة.
وتابع أن الشراكات الاقتصادية بين البلدين ستشمل التنسيق والتعاون ما بين “صندوق مصر السيادي”، والصناديق السيادية في الإمارات، لتنفيذ مشروعات في المجالات ذات الأولوية بين البلدين لتعظيم العائد على الأصول الاستثمارية للدولتين وتعظيم ثروات الأجيال المقبلة، فضلا عن مساهمة القوى العاملة المصرية الشابة المتميزة في دعم جهود التحول الرقمي، ولاسيما التحول نحو الحكومة الذكية، في ظل توجه الإمارات لتنفيذ استراتيجية الذكاء الاصطناعي والاعتماد على تلك التقنيات في تقديم الخدمات وتحليل البيانات بمعدل 100% بحلول عام 2031، حيث يمكن للكوادر الشابة المصرية المؤهلة أكاديمياً أن تسهم بشكل فاعل في دعم هذه الجهود وتعظيم المكتسبات العالمية التي حققتها الإمارات في هذا الصدد.
وأشار رئيس الوزراء إلى أن انعقاد احتفالية اليوم يأتي ليتيح المجال لاستعراض الفرص الاستثمارية المتاحة، ولعقد لقاءات ثنائية بين ممثلي الحكومة وشركات القطاع الخاص، هذا إلى جانب إتاحة الفرصة للتعرف على أحدث الخدمات التمويلية والاستشارية والمنتجات التي تقدمها مؤسسات التمويل الدولية والإقليمية المشاركة لدعم القطاع الخاص بين البلدين، وهو ما يجعل هذه الاحتفالية تمثل محفلاً لتوطيد أواصر التعاون الاقتصادي والتجاري والاستثماري بين البلدين، ولتعظيم استفادة كل من مجتمع الأعمال المصري والإماراتي من الفرص التجارية والاستثمارية المتاحة في القطاعات المختلفة، وأبرزها قطاع الصحة والتصنيع الدوائي، والتطوير العقاري، وقطاع الخدمات المالية والتحول الرقمي، وقطاع البنية الأساسية، والاتصالات، والزراعة والتصنيع الغذائي وغيرها. هذا إلى جانب الفرص الواعدة للتعاون المشترك بين البلدين في مجالات الاقتصاد الرقمي، ودمج البعد البيئي والتعافي الأخضر.
وفي ختام كلمته، أكد الدكتور مصطفى مدبولي اعتزاز الدولة المصرية بالتعاون الوثيق والشراكة التنموية المتميزة مع دولة الإمارات العربية المتحدة الشقيقة، في مختلف المجالات، تعزيزاً للمسيرة التنموية الناجحة للبلدين. وتوجه بالشكر لكافة الجهات الإماراتية والمصرية المعنية المشاركة، ولجميع القائمين على الاعداد والتنظيم الجيد لهذه الاحتفالية، مع تمنياته لهم جميعاً بالتوفيق والنجاح.
وخلال الاحتفالية، تم عرض فيلم تسجيلي عن العلاقات المصرية الاماراتية بعنوان “نصف قرن من المحبة” تناول تاريخ العلاقات بين البلدين على كافة الأصعدة؛ الدبلوماسية والاقتصادية والشعبية، حيث تم خلاله الاشارة الى القيمة القومية التي تجمع بين القيادتين والشعبين الشقيقين في الامارات ومصر، وكذا استعراض أهم المحطات بين البلدين إلى يومنا هذا.
تجدر الإشارة إلى أن احتفالية اليوبيل الذهبي للعلاقات المصرية الاماراتية ” تمتد لثلاثة أيام خلال الفترة من ٢٦ الى ٢٨ أكتوبر الجاري، وتشهد مجموعة من الفعاليات الاقتصادية والثقافية والاعلامية والفنية، التي ترسخ التقارب التاريخي الأصيل بين البلدين الشقيقين والشعبين الأخوين.