انطلقت في مصر وعدد من دول العالم منذ إندلاع الحرب على غزة، دعوات لتنفيذ مقاطعة واسعة لمنتجات الشركات الأجنبية والماركات العالمية لاتهامها بدعم إسرائيل. وتم تداول قوائم على مواقع التواصل الاجتماعي، تضم أسماء المنتجات التابعة للشركات التي تواجه ذلك الاتهام، مع مطالبات بمقاطعتها وشراء المنتجات المحلية بدلا منها. وشملت قوائم المقاطعة مشروبات غازية، ومنتجات شاي وقهوة، ومطاعم وجبات سريعة، تتبع ماركات أميركية وأوروبية. وشهدت الأيام الماضية إعلان الكثيرين عن استجابتهم لحملة المقاطعة والبحث عن المنتجات المحلية.
ماكدونالدز
وفي ذات الوقت تحركت العديد من الشركات المحلية للإعلان عن منتجاتها والاستفادة من الزخم المصاحب لحملة المقاطعة، وأعلنت أنها حققت مبيعات ضخمة أخيرا وستفتح خطوط إنتاج جديدة وتعمل على تحسين منتجاتها بشكل أكبر.
فيما دفعت المقاطعة العديد من الماركات العالمية للإعلان عن تخفيضات كبيرة في أسعار منتجاتها، وتحدث البعض عن تكبدهها خسائر بملايين الدولارات. بينما لجأت شركات أخرى مثل ماكدونالدز، لإصدار بيانات تؤكد عدم دعمها لأي دولة أو جهة حكومية ورفضها تماما للعنف، وأعلن وكيلها عن تبرع مالي للشعب الفلسطيني.
ونشرت شركة ماكدونالدز العالمية مؤخرا بيانا على صفحاتها الرسمية على مواقع التواصل الاجتماعي، كما نُشر بشكل متزامن على الصفحات الرسمية الموثقة لوكلائها في كل من السعودية والإمارات والكويت وقطر والبحرين وعمان. وقال البيان: “نعبر في ماكدونالدز العالمية عن صدمتنا واستيائنا الشديد إزاء المعلومات والإشاعات المضللة والمغلوطة التي أثيرت حول موقفنا من الصراع الدائر حاليا في الشرق الأوسط”.
وأضاف البيان: “نؤكد وبشكل قاطع أن شركة ماكدونالدز العالمية لا تمول أو تدعم بأي شكل من الأشكال أي حكومات أو جهات داخلة في هذا الصراع، وإن أي إجراء أو عمل أو قرار تم اتخاذه من قبل أحد من وكلائنا، إنما هو تصرف فردي من قبل ذلك الوكيل تم اتخاذه بشكل مستقل ودون قبولنا أو موافقتنا”.
شركة “زارا”
وأثارت شركة الملابس الإسبانية الشهيرة “زارا” غضبا كبيرا بين الناشطين، بسبب إعلان نشرته وتضمن صورا بتلميحات تشبه بعض المشاهد من الحرب في غزة. ونشرت شركة زارا عددا من الصور، لعارضة أزياء، وهي تقف وسط ركام لمبنى أو منزل، ويحيط بها ما يشبه جثة إنسان تم لفها على شكل “الكفن”.
كما نشرت صورا لعارضة الأزياء وهي تحمل جسدا ملفوفا بكفن، كما تدلت الحجارة من الأعلى. واعتبر الناشطون أن الإعلان فيه إساءة للأحداث في غزة، ويشبه بتفاصيله مشاهد الجثث والركام، التي انتشرت في الأسابيع الأخيرة.
وطالب عدد كبير من الناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي، مقاطعة محال زارا في الوطن العربي، أسوة بالشركات الأجنبية الأخرى التي ارتبطت بإسرائيل. واضطرت شركة “زارا” مؤخرا إلى حذف الصور المثيرة للجدل من حساباتها الرسمية، بعد كمية التعليقات الهجومية عليها.
ستاربكس
بينما تكبدت شركة ستاربكس خسارة هائلة في القيمة السوقية، بلغت 11 مليار دولار، وهو ما يمثل انخفاضا بنسبة 9.4 بالمئة، مما أطلق أجراس الإنذار داخل أروقة شركة متاجر القهوة الأولى عالميا.
وينبع أصل الأزمة التي تواجهها ستاربكس اليوم، من تغريدة غير متوقعة من اتحاد عمال ستاربكس، الذي يمثل فصيلا من عمال صناعة القهوة، عبر فيه عن تضامنه مع الفلسطينيين مع بداية الهجمات الإسرائيلية على غزة.
الشركة قدمت دعوى قضائية لمقاضاة العاملين لديها الذين أبدوا دعمهم لفلسطين، مما أثار الجدل. و أثارت هذه البادرة سلسلة من ردود الفعل، مما أدى إلى مقاطعة واسعة النطاق أثرت بشدة على الموقف المالي للشركة العملاقة.
ومنذ 16 نوفمبر، انخفضت أسهم ستاربكس بنسبة 8.96 بالمئة، وهو ما يمثل خسارة هائلة بلغت 11 مليار دولار. وقد ألقى هذا الانخفاض الكارثي، إلى جانب التقارير عن تباطؤ المبيعات والاستقبال الفاتر لعروض أعياد الميلاد، بظلاله، على آفاق الشركة.
سجل هذا الانخفاض في السوق رقما قياسيا جديدا، حيث شهدت ستاربكس انخفاضا في الأسهم لمدة 12 جلسة متتالية – وهو أطول انخفاض منذ إنشائها في عام 1992. ويتم تداول الشركة حاليا عند حوالي 95.80 دولارا للسهم، وهو تناقض صارخ مع ذروتها السنوية البالغة 115 دولارا. كما تجاوزت تداعيات المقاطعة الحدود، حيث أفادت التقارير أن شركة ستاربكس في مصر قامت بتقليص حجم قوتها العاملة بسبب الضغوط المالية الناجمة عن آثار المقاطعة.
وتمثل هذه الخطوة شهادة على التأثير الملموس للاحتجاجات العالمية واسعة النطاق ضد العلامات التجارية التي ترتبط مع دولة إسرائيل. بينما تتنقل ستاربكس في هذا المنعطف الحرج، تواجه الشركة معركة شاقة لاستعادة ثقة السوق واستعادة مكانتها السابقة في أعقاب هذه الأوقات المضطربة.