تعد المسيرة المهنية لرجل الأعمال الأمريكي جيف بيزوس ، المصنف رابع أغنى شخص في العالم بثروة تقدر بنحو 116.6 مليار دولار ، ملهمة للاجيال الشابة فبالرغم من التحديات الكثيرة التي اعترضته في مقتبل العمر الا انه نجح في أن يؤسس شركة أمازون دوت كوم ، ويجمع ثروة طائلة ،وان يجعل من رحلته في عالم المال و الأعمال واحدة من أفضل قصص النجاح المهني في العالم بما تتضمنه من معاني كثيرة ملهمة للشباب ليستوحوا منها بعض الأفكار والعبر التي ربما تعينهم في المستقبل على النجاح
سنوات المعاناة
بيزوس وُلد في 12 من يناير 1964 في ألباكركي وترعرع في هيوستن وميامي ، و عانى في بداياته من الفقر الشديد ، وعمل لفترة في أحد محلات بيع البيتزا ،إلى أن تخرج من كلية الهندسة الكهربائية وعلوم الحاسوب في جامعة برينستون بولاية نيوجيرسي الأمريكية ثم عمل محللاً مالياً لشركة D.E Shaw في سنة 1990، شغل جيف بيزوس منصب أصغر نائب للرئيس في تاريخ بانكرز ترست، وذلك قبل ورود فكرة بيع الكتب عبر شبكة الإنترنت إلى رأس بيزوس، وعلى الرغم من جاذبية منصبهِ، إلا أن بيزوس شعر بالملل مما دفعه إلى التوجه إلى شركة دي أي شاو للخدمات المالية والعمل في البحث عن فرص استثمارية في شبكة الإنترنت،
ثم ترك وظيفتهِ هذه وتحرك إلى قرية وادي السيليكون لتأسيس موقع (أمازون دوت كوم). وحرص بيزوس على ادخار بعض المال من راتبه قبل أن يؤسس شركة أمازون عام 1994 ، لم يكن من السهل إقناع كبار المستثمرين باستثمار مليون دولار في إطلاق شركة ليس لها مثيل في التاريخ، وكان أكبر تحدي في نظر جيف بيزوس، المؤسس لموقع (أمازون دوت كوم) في عام 1995 عندما كان يسعى إلى جمع مليون دولار كرأس مال لإطلاق شركته وضمان استمرارها في العمل، ويعبر بيزوس عن ذلك بقولهِ: مرت علي أوقات كان يمكن أن تتلاشى فيها الشركة حتى قبل أن تبدأ أعمالها .
فكرة بمليون دولار
لم يتوفر لبيزوس في تلك الفترة المستثمرين الراغبين في تمويل فكرة بمليون دولار ، غير أنه وجد في حوزته مبلغ 100.000 دولار حصل عليهِ من والديهِ والذي يصفهُ بيزوس بالبذرة التقليدية التي تأتي من الأشخاص المراهنون على منظم العمل وليس بالاعتماد على فكرة إنشاء الشركة. وبالاعتماد على القليل من معارفهِ الذين يرتبط بهم في علاقات عمل أيام عملهِ في وول ستريت، تمكن بيزوس من عقد عدة لقاءات مع العديد من المستثمرين الكبار في قرية وادي السيليكون. وفي فترة امتدت بضع أشهر التقى بحوالي 60 مستثمرا لدعم مشروعهِ، وعمل في الوقت نفسهِ على توظيف مجموعة من المبرمجين لتصميم الموقع وانهاء تفاصيل شركته المثيرة للجدل.
ويقول بيزوس كان أصعب مما توقعنا بهذه العبارة يصف بيزوس اقناع كل شخص باستثمار 50 ألف دولار في موقع (أمازون دوت كوم). كانت ثقة المستثمرين بإمكانيات شبكة الإنترنت ضعيفة، لدرجة التشكيك في نجاح مشروع موقع أمازون دوت كوم. وقد سمع بيزوس كثير من التعليقات المعتادة من أشخاص سليمي النية لا يؤمنون بهذهِ الخطة التجارية ابتداء، وكانوا يعتقدون فشلها. ومن العبارات التي يتذكرها أثناء زياراته للمستثمرين: «ما السبب الذي يدفع الزبائن إلى شراء الكتب من الإنترنت؟… وإذا نجحت خطتك، ستجد أنك بحاجة إلى مستودع بحجم مكتبة الكونجرس. وبالاستفادة من بحث أجراه جون كوارترمان، الذي يعتبر من رواد البحث عن بيانات تتعلق بالشبكة العنكبوتية،
قال بيزوس للمستثمرين لديه بأن الشبكة تنمو بنسبة 2300% سنويا. وأن الخطة التجارية التي أرادها أن تغطي كافة أرجاء البلاد كانت تفترض وجود شركة للبيع بالتجزئة على الشبكة تركز على بيع الكتب – «متجر إلكتروني لبيع الكتب يضم أكثر من عشرة أضعاف التشكيلة التي يمكن أن توجد في أكبر المتاجر التقليدية». وشرح لهم بأن في نيتهِ بناء شيء فريد على الشبكة لا يمكن تكراره في العالم المادي. وهذه النقطة درس للمستثمرين وغيرهم: «اطلع واستفد من البيانات الموجودة في شبكة الإنترنت والصحف والمجلات في ما يخص مجالك، وذلك يدعم فرصة نجاح المشروع ويعطي ثقة في نفسك.
التجارة الإلكترونية
بدأت شركة أمازون كمكتبة لبيع الكتب عبر الإنترنت وتوسعت منذ ذلك الحين لتشمل مجموعة متنوعة من منتجات التجارة الإلكترونية وخدماتها الأخرى، بما فيها البث الصوتي والمرئي والحوسبة السحابية والذكاء الاصطناعي. يُذكر أن أمازون حاليًا أكبر شركة مبيعات عبر الإنترنت في العالم، وأكبر شركة إنترنت من ناحية الإيرادات، وأكبر مزود في العالم للمساعدين الافتراضيين وخدمات البنية التحتية السحابية عبر فرع خدمات أمازون ويب .
و في عام 1999 اختير جيف بيزوس كشخصية العام التي تختارها مجلة التايم كل عام . و استقال بيزوس في 5 يوليو 2021 من منصب المدير التنفيذي لشركة أمازون بعد ان وصلت الشركة في عهده لقيمة سوقية تتجاوز 1.5 تريليون دولار ، وارجع ذلك لحاجته للتفرغ الى مشروعاته المتعلقة بالفضاء ، وشهد يوم 20 يوليو 2021 تحليق جيف بيزوس إلى الفضاء جنبًا إلى جنب مع شقيقه مارك. استغرقت الرحلة دون المدارية أكثر من 10 دقائق، ووصلت ذروة ارتفاعها إلى 66.5 ميلًا
السفر إلى الفضاء
ألهم نجاح موقع (أمازون دوت كوم) جيفري بيزوس لينشأ في عام 2000 شركة بلو أوريجين لرحلات السفر إلى الفضاء والتي تهدف لإنشاء وجود دائم للعنصر البشري في الفضاء الخارجي، بعدها قدم جيف بيزوس فكرة جديدة من خلال موقع أمازون بعد طرح جهاز كيندل Kindle للقراءة الإلكترونية، والذي يمكنه الاتصال بشبكة الإنترنت لشراء الكتب الإلكترونية وتحميلها وقرائتها على الجهاز،
واستمرت نجاحات أمازون في هذا المجال حتى بعد صفقة أثارت الجدل مع وكالة وايلي Wylie حيث منحت أمازون حقوق النشر الإلكترونية لعدد من كتابها مما أغضب الكثيرين منهم وشعروا بالخوف والتهديد على أعمالهم، ولكن الأمر لم يعد كذلك بعد رواج سوق الكتب الإلكترونية خاصة مع انخفاض سعرها مقارنة بالكتب الورقية. وصلت مركبة نيو شيبرد التابعة للشركة إلى الفضاء عام 2015، وهبطت بعدها بنجاح على الأرض.
بدأت الشركة رحلات فضاء تجارية شبه مدارية للبشر، ونفذت رحلتين ناجحتين في عام 2021. اشترى بيزوس صحيفة واشنطن بوست الأمريكية الكبرى عام 2013 مقابل 250 مليون دولار، إضافةً إلى إدارته العديد من الاستثمارات الأخرى عبر شركة رأس المال الاستثماري الخاصة به، بيزوس إكسبيديشنز. وفي 2021 شارك بيزوس في تأسيس شركة التكنولوجيا الحيوية ألتوس لابس مع يوري ميلنر، مؤسس مجموعة ميل. آر يو
استثمار المستقبل
بدأ المستثمرون يدركون بأن بيزوس خطط للمستقبل باقتدار. وقد اقنعهم ان بإمكان التقنية الحديثة من وصل المواقع بقاعدة بيانات ديناميكية، تتيح القيام بتخصيص الخدمة حسب ميول الزبون، فمثلا اقترح خدمة تعمل على إبراز المنتجات للمتسوق اعتمادا على مشترياته السابقة، وتخزن بياناته التي قام بإدخالها في المرة الأولى مثل عنوانه ورقم بطاقة الائتمان الخاصة به، وقد أسهمت هذه الخدمة في شهرة موقع أمازون عند إطلاقها في عام 2000.
وبعد مرور سنة من تأسيس أمازون.كوم، بدأ المستثمرين بالاصطفاف خارج مكتب بيزوس وكانت شركة «كلاينر بيركنز كوفيلد أند بايرز» ذات الأسهم العالية الثمن من بين أولئك الذين استثمروا 8 ملايين دولار في الشركة وهو مما ساعدها في زيادة أرباحها بعد ما كان بيزوس يلاقي الصعوبات لإقناع المستثمرين بنجاح فكرته.
أعماله الخيرية
يقوم بيزوس، بمعظم أعماله الخيرية من خلال التبرع بأسهمه في أمازون، التي يمكن للمنظمات غير الربحية بيعها في أي وقت من دون دفع ضرائب على أرباح رأس المال.
تبرع بيزوس بما قيمته 600 مليون دولار من أسهمه في أمازون هذا العام، ولا يزال يملك ما يقارب 10% من أسهم أمازون، التي تبلغ قيمتها 90 مليار دولار. بحسب هيئة الأوراق المالية والبورصات.
ومع ذلك، فإنه يخصص أكبر مساعيه الخيرية لصندوق بيزوس للأرض، إذ التزم بالتبرع له بـ 10 مليارات دولار على مدى 10 سنوات من أجل مكافحة تغير المناخ.