يتأهب الاقتصاد الإماراتي في العام 2025 لتحقيق مستويات قياسية من النمو والتنافسية كثمرة لجهود متراكمة وخطوات وسياسات إستراتيجية اتخذتها الإمارات خلال الأعوام الماضية لإرساء دعائم اقتصاد وطني مستدام ومتنوع يرتكز على الابتكار والمعرفة ويواكب المتغيرات العالمية. ويستهل الاقتصاد الإماراتي العام 2025 وسط أجواء إيجابية مبنية على جملة من المؤشرات، حيث لامست التجارة الخارجية للدولة لأول مرة 3 تريليونات درهم مع نهاية 2024، فيما توقع مصرف الإمارات المركزي تسارع نمو الاقتصاد الإماراتي إلى 4.5 بالمئة في العام الجاري، في حين تشير توقعات البنك الدولي إلى أن نسبة النمو المتوقعة ستكون أعلى من ذلك. ويشهد العام 2025 العديد من المبادرات والخطط الاقتصادية النوعية المعززة لتوجهات الإمارات في ظل التوسع المستمر للأنشطة الاقتصادية في القطاع الخاص غير النفطي في الدولة مما يعكس الثقة القوية في الآفاق الاقتصادية للإمارات وجذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية.

وقال السيد عبدالله بن طوق المري وزير الاقتصاد، في تصريحات لوكالة أنباء الإمارات وام، إن دولة الإمارات نجحت في ترسيخ مكانتها كواحدة من أكثر الاقتصادات تنافسية واستدامة على مستوى العالم، مدفوعة برؤية طموحة وتوجهات استراتيجية قائمة على التنويع الاقتصادي، وتعزيز الابتكار وفتح آفاق جديدة للاستثمار والأعمال وتسريع النمو في قطاعات الاقتصاد الجديد. وأضاف: بلغ متوسط نمو الناتج المحلي الإجمالي 4.8 بالمئة بين عامي 2021 و2024، في حين وصل متوسط نمو الناتج المحلي غير النفطي إلى 6.2 بالمئة، كما وصلت نسبة مساهمة القطاعات غير النفطية إلى 75 بالمئة في الناتج المحلي الإجمالي بالاقتصاد الوطني، وهو ما يتوافق مع مستهدفات رؤية “نحن الإمارات 2031”.
وأشار إلى أن اقتصاد الإمارات يواصل مساره المتصاعد خلال العام الجاري مدفوعا بالأداء القوي في قطاعات التكنولوجيا والطاقة المتجددة والتجارة والخدمات المالية والبنية التحتية، ووفقا لتقديرات صندوق النقد الدولي من المتوقع أن ينمو الاقتصاد الوطني بنسبة 5.1 بالمئة خلال العام 2025. وأوضح أن السياسات الاقتصادية للإمارات ترتكز في عام 2025 على تعزيز الشراكات الاستراتيجية الدولية ودعم استثمارات الشركات الناشئة والمشاريع الصغيرة والمتوسطة، ومواصلة تطوير منظومة التشريعات الاقتصادية لتعزيز تنافسية النموذج الاقتصادي الجديد للدولة، وتنمية البنية التحتية الرقمية وتطبيقات الاقتصاد الأخضر بما يعزز من تنافسية بيئة الأعمال في الدولة.
وأكد المري أن الإمارات مستمرة في التوسع بمشاريع الطاقة المتجددة والاقتصاد الدائري، إلى جانب تعزيز الاستثمارات في القطاعات المبتكرة مثل الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا المالية بما يدعم رؤية الدولة بأن تصبح مركزا عالميا للاقتصاد الجديد بحلول العقد المقبل، ويعزز قدرتها التنافسية في مواجهة المتغيرات العالمية، واستمرارها كوجهة جاذبة للاستثمارات والمواهب ومشاريع الاقتصاد الجديد من جميع أنحاء العالم. ويتوافق التفاؤل الإيجابي الذي حملته تصريحات وزير الاقتصاد الإماراتي مع تقديرات المؤسسات الدولية، إذ توقع صندوق النقد الدولي أن يكون اقتصاد الإمارات الأعلى نموا في المنطقة لعام 2025 ليواصل أداءه الاستثنائي مدفوعا بالنمو في جميع القطاعات الاقتصادية، حيث يقدر نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي للدولة بنسبة 4 بالمئة، فيما يقدر حجم الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الجارية بحوالي 2 تريليون درهم في عام 2024 مقارنة بـ 1.9 تريليون درهم في عام 2023.
وفي هذا الصدد، أكد جهاد أزعور مدير إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى في صندوق النقد الدولي أن اقتصاد الإمارات حقق قدرة عالية على تحمل الصدمات العالمية خلال الأعوام الماضية فيما واصل القطاع غير النفطي النمو. وقال في تصريح لوكالة أنباء الإمارات وام إن نسبة النمو بالقطاع غير النفطي خلال السنوات الماضية تراوحت ما بين 4.5 بالمئة إلى 5.5 بالمئة، مما يعكس التأثر الكبير للقطاع غير النفطي على الاقتصاد الإماراتي، فيما تساهم العائدات النفطية أيضا في رفع مستويات النمو في دولة الإمارات.
وعززت الاتفاقيات الاقتصادية الشاملة التي وقعتها الإمارات مع العديد من الدول شراكاتها التجارية، مما ساهم في نمو التجارة غير النفطية في عام 2024، لتبلغ 2 تريليون و997 مليار درهم (815.7 مليار دولار) بنمو 14.6 بالمئة مقارنة مع العام 2023.
ونجحت الإمارات منذ إطلاق برنامج اتفاقيات الشراكة الاقتصادية الشاملة في سبتمبر 2021 في ابرام اتفاقيات شراكة اقتصادية شاملة مع 24 دولة في 5 قارات، منها 18 اتفاقية تم التوقيع عليها رسميا، و6 اتفاقيات دخلت حيز التنفيذ، فيما سيتم التوقيع على باقي الاتفاقيات رسميا في أوقات لاحقة.
واعتمدت الإمارات الميزانية الاتحادية الأكبر مقارنة بميزانيات السنوات المالية السابقة بعد اعتماد خطة الميزانية العامة للاتحاد للسنة المالية 2025 بإجمالي إيرادات بلغ 71.5 مليار درهم، وبإجمالي مصروفات تقديرية بلغ 71.5 مليار درهم.
وحصلت دولة الإمارات على تصنيف ائتماني سيادي AA- مع نظرة مستقبلية مستقرة من وكالة فيتش العالمية للتصنيف الائتماني وعلى تصنيف /Aa2/ في الجدارة الائتمانية وهو التصنيف السيادي الأقوى في المنطقة مع نظرة مستقبلية مستقرة وذلك من قبل وكالة التصنيف الدولية موديز وشهد القطاع المالي والمصرفي والتأميني في الإمارات نموا كبيرا، حيث يعد القطاع المصرفي للدولة الأكبر في الشرق الأوسط، بإجمالي أصول بلغت 4.457 تريليون درهم في نهاية شهر نوفمبر عام 2024، مقارنة بـ 4.075 تريليون درهم في عام 2023.
وعلى صعيد أداء الأسواق المالية شهد عام 2024 إضافة 257 مليار درهم إلى القيمة السوقية للأسواق المالية مدفوعة بالأداء الإيجابي للاقتصاد بشكل عام، وانعكاسه على أداء الشركات المدرجة ومكاسبها وجاذبية الأسواق المحلية للسيولة، واستقطاب المزيد من الاستثمارات الأجنبية والطروحات الأولية. وتخطت القيمة السوقية لأسهم سوقي أبوظبي ودبي 3.905 تريليون درهم نهاية العام 2024 مقارنة بنحو 3.648 تريليون درهم نهاية العام 2023، وبهذا الأداء رسخت الأسواق المحلية حالة الزخم التي بدأتها خلال السنوات الماضية لتعزز مكانتها كواحدة من أبرز الوجهات الاستثمارية في المنطقة والعالم.
وعلى صعيد أداء قطاع الطيران والشحن الجوي، سجل قطاع الطيران المدني في الإمارات أداء قياسيا خلال عام 2024 مع ارتفاع حركة المسافرين بنسبة 10 بالمئة، لتصل إلى 147.8 مليون مسافر مقارنة بـ 134 مليون مسافر في عام 2023، كما سجلت الحركة الجوية 1.03 مليون رحلة خلال عام 2024، وهو رقم غير مسبوق في تاريخ الحركة الجوية بالدولة. وحقق قطاع الشحن الجوي في عام 2024 نموا ملحوظا بنسبة 17.8 بالمئة، ليصل إلى 4.36 مليون طن مقارنة بـ 3.7 مليون طن في 2023.
وواصل القطاع الصناعي تعزيز مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي في العام 2024 والتي زادت بنسبة 57 بالمئة بفضل النمو الاستثنائي الذي شهده القطاع خلال الأعوام الأربعة الماضية تحت مظلة الاستراتيجية الوطنية للصناعة والتكنولوجيا المتقدمة “مشروع 300 مليار”. بدوره، نجح القطاع العقاري في الإمارات بالحفاظ على زخم نموه خلال العام الماضي 2024 على مستوى المشاريع العقارية والتوسع في استثمارات البنية التحتية مرسخا بذلك مكانته كأحد الركائز الأساسية الداعمة للنمو الاقتصادي في الدولة.
وجسد الزخم الذي شهدته الأسواق العقارية في إمارات الدولة المختلفة أهمية موقعها كمركز عالمي للاستثمارات العقارية ووجهة جاذبة للمستثمرين، مع توقعات التقارير الدولية مواصلة القطاع نموه التصاعدي في عام 2025 وذلك بفضل البيئة الاستثمارية المحفزة في الدولة، لا سيما مع ترقب تنفيذ العديد من المشاريع العقارية الجاذبة للاستثمارات المحلية والدولية.
وعلى صعيد قطاع الطاقة المتجددة، رسخت دولة الإمارات مكانتها الرائدة في مجال الطاقة المتجددة من خلال تبني استراتيجيات طموحة ومشاريع ضخمة لتعزيز استخدام مصادر الطاقة النظيفة في إطار استراتيجية الإمارات للطاقة 2050 الهادفة إلى مضاعفة إسهام الطاقة النظيفة 3 مرات خلال السنوات السبع القادمة باستثمارات تتراوح بين 150 و200 مليار درهم بما يسهم في تحقيق الحياد المناخي وتعزيز أمن الطاقة مع استهداف وصول قدرة الطاقة الشمسية إلى 14.2 جيجاوات بحلول عام 2030.
وأطلقت الإمارات خلال شهر يناير الماضي، إضافة إلى مشاريعها الرائدة عالميا، مشروعا جديدا سيوفر الطاقة المتجددة على مدار الساعة ويسهم في توفير حوالي 1 غيغاواط يوميا من الحمل الأساسي من الطاقة المتجددة، ليشكل أكبر محطة للطاقة الشمسية مزودة بنظم بطاريات لتخزين الطاقة على مستوى العالم ويضم محطة للطاقة الشمسية الكهروضوئية بقدرة 5.2 غيغاواط “تيار مستمر” إضافة إلى أنظمة بطاريات لتخزين الطاقة بقدرة 19 غيغاواط في الساعة ليرسي معيارا عالميا جديدا في ابتكارات الطاقة النظيفة.