من المرجح أن يشهد الين الياباني ارتفاعا كبيرا في الفترة المقبلة، وتحولا جزئيا في الضعف المستمر بقيمته، على المدى المتوسط. و توقع بنك QNB في تقريره الأسبوعي إن فرق سعر الفائدة بين الين والعملات الرئيسة الأخرى، سيضيق لصالحه، مما سيدعم هذه العملة المقومة بأقل من قيمتها الحقيقية.
وأضاف التقرير، هناك عدد قليل من المؤشرات التي تنقل معلومات عن حالة اقتصاد بلد ما، بقدر ما تفعل تقلبات أسعار العملات، وينطبق ذلك على الأسواق العميقة والسائلة لصرف العملات الأجنبية الرئيسة بالاقتصادات المتقدمة، كالين، والدولار، واليورو، والفرنك السويسري، والجنيه الإسترليني، إذ تعتمد أسعار الصرف على تدفقات رؤوس الأموال، والتي تتأثر بردود الفعل في الوقت الحقيقي للتوقعات المتعلقة بالرغبة في المخاطرة والأداء الاقتصادي النسبي وفروق أسعار الفائدة.
ولفت إلى أن السياسة النقدية الميسرة للغاية، التي طبقها البنك المركزي الياباني، في الأشهر الأخيرة، وسط التشديد الصارم للسياسات النقدية من جانب بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، والبنك المركزي الأوروبي، كانت سببا في التدفقات الخارجة لرؤوس الأموال من اليابان، وأثر هذا على الين، الذي تراجع مجددا لأدنى مستوياته في عدة عقود، بانخفاض بنسبة 46 بالمئة عن أعلى مستوياته بعد الجائحة.
وأشار التقرير إلى أن تحركات سعر صرف الين الياباني لم تحدث في خط مستقيم، ففي بداية الجائحة، كان الين مدعوما بالطلب الكبير الناتج عن الركود العالمي والبحث عن ملاذ آمن، لأنه يرتبط عكسيا بدورة الأعمال العالمية، لأن انخفاض أسعار السلع يصب عادة في مصلحته.
كما أن المستثمرين المحليين معرضون بشدة للأصول الخارجية، وغالبا ما يعيدون كميات كبيرة من رؤوس الأموال إلى بلدهم خلال فترات الضغوط المالية، وبعد فترة وجيزة من الصدمة السلبية الناتجة عن الجائحة، بدأ الين في الانخفاض، وتفاقم ذلك بالربع الثاني من 2022، بعد أن بدأت البنوك المركزية الكبرى الأخرى دورة لتشديد السياسات النقدية، ثم تعافى مؤقتا بأواخر 2022 وأوائل 2023، حيث كان متوقعا أن يغير الاحتياطي الفيدرالي موقفه المتشدد، مما كان سيؤدي إلى تقليص فارق سعر الفائدة بالمقارنة مع اليابان وتعزيز قيمة الين، ومع إثبات النمو العالمي مرونته، وميل البنوك المركزية إلى التشديد، عاد الين للانخفاض مجددا.
وذكر التقرير أن إحدى الطرق الشائعة للنظر إلى تقييمات العملات تتمثل في تحليل أسعار الصرف المرجحة بالتجارة والمعدلة حسب التضخم، أي أسعار الصرف الفعلية الحقيقية، ومقارنتها بمتوسطاتها الطويلة الأجل أو معاييرها التاريخية، ويعد مقياس سعر الصرف الحقيقي هذا أكثر قوة من أسعار صرف العملات الأجنبية التقليدية، لأنه يلتقط التغيرات بأنماط التجارة بين البلدان، إضافة إلى الاختلالات الاقتصادية في نوعية التضخم وفروقاته.
وتشير صورة سعر الصرف الفعلي الحقيقي لنوفمبر 2023 إلى أن الين، في الواقع أكثر عملة مقومة بأقل من قيمتها في العالم المتقدم، بأكثر من 30 بالمئة من قيمتها العادلة النظرية، ويتوقع أن تشجع الظروف تعافي الين الياباني على المدى المتوسط، وأن تتحرك فروق أسعار الفائدة لصالحه، خلال الأرباع القليلة المقبلة.
ويرى التقرير أن بنك اليابان على وشك تشديد سياسته النقدية تدريجيا، ومن شأنه أن يمثل خروجا من فترة طويلة من السياسات الميسرة، التي أبقت أسعار الفائدة قصيرة الأجل سلبية، ووضعت سقفا لعائدات السندات الحكومية لأجل 10 سنوات عند 0.5 بالمئة.
وفي اجتماعه لشهر يوليو، رفع بنك اليابان الحد الأعلى لنطاقه المستهدف للعائد على السندات لأجل عشر سنوات إلى 1 بالمئة، ليبدأ العملية التي طال انتظارها لتفكيك إطار التحكم في منحنى العائد، ونتوقع مزيدا من التشديد العام المقبل، مع الخروج الكامل من إطار التحكم في منحنى العائد، بدون حدود للعائد على السندات لأجل عشر سنوات في الربع الأول وجولة أولية لرفع سعر الفائدة قصير الأجل في الربع الثاني.
ورجح التقرير أن تتم هذه التحركات على خلفية اكتساب مسؤولي بنك اليابان جرعة أعلى من الثقة في أن البلاد بدأت أخيرا في الخروج من فخ الانكماش، ولقد ظل التضخم أعلى من المعدل المستهدف بشكل ثابت العام الجاري، وأثبت نمو الأجور حتى الآن أنه كبير ومستمر.
وخلص إلى أنه من المقرر أن تبلغ أسعار الفائدة الرسمية الذروة في معظم الاقتصادات المتقدمة الأخرى خلال الأشهر المقبلة، مما يؤدي إلى استقرار الأسعار لفترة أطول، وهناك مجال ضئيل جدا لرفع أسعار الفائدة خارج اليابان، وعلاوة على ذلك، إذا تباطأ الاقتصاد العالمي ودخلت بعض الاقتصادات الرئيسية في حالة من الركود، فقد يتم خفض أسعار الفائدة بشكل كبير في الولايات المتحدة وأوروبا، وفي أي سيناريو، فإن فرق سعر الفائدة بين الين والعملات الأخرى سيضيق لصالح الين الياباني، مما سيدعم هذه العملة المقومة بأقل من قيمتها الحقيقية.