رجحت دراسة صادرة عن مجموعة كابيتال إيكونوميكس،أن تبدأ أسعار النفط والغاز والسلع الزراعية بالانخفاض في وقت لاحق من هذا العام، ما سيؤدي إلى انخفاض التضخم بشكل حاد، لكن معدلات التضخم الأساسية التي لا تشمل الغذاء والطاقة ستظل مرتفعة.
وكشفت الدراسة أن أسعار الطاقة والغذاء شكلت 4.1 نقطة مئوية من ارتفاع أسعار الاستهلاك الذي بلغ 7.9% في الاقتصادات المتقدمة الرئيسة خلال العام الماضي.
وكانت بنوك مركزية عالمية قد سرعت من وتيرة تشديد السياسة النقدية، في معركتها ضد التضخم الجامح، برفع نسب الفائدة، وهو إجراء ضروري، رغم تحذير محللين من آثاره الجانبية المحتملة وأبرزها دفع الاقتصادات إلى الركود. ففي يونيو الماضي، أعلن الاحتياطي الفيدرالي الأميركي (البنك المركزي الأميركي) عن أكبر زيادة في أسعار الفائدة منذ نحو ثلاثة عقود، بمقدار ثلاثة أرباع نقطة مئوية إلى %1.75.
بينما رفعها بنك إنجلترا المركزي للمرة الخامسة على التوالي، زاد البنك المركزي البرازيلي سعر الفائدة القياسي للمرة الحادية عشرة على التوالي. أما البنك المركزي السويسري فرفعها للمرة الأولى منذ 15 عاماً.
كما يعتزم البنك المركزي الأوروبي زيادة أسعار الفائدة بواقع 25 نقطة أساس الشهر المقبل، ثم بقدر ربما يكون أكبر في سبتمبر.
ووفقاً لبيانات بلومبرج، رفع أكثر من 40 بنكاً مركزياً على مستوى العالم سعر الفائدة %0.50 على الأقل منذ بداية العام الجاري.
حسب بيانات البنك الدولي، بلغ معدل التضخم العالمي في أبريل الماضي، 8.7%، ووصل المعدل في الاقتصادات الصاعدة والنامية إلى أعلى مستوياته خلال 14 عاماً عند 4.9%.
كما قفز التضخم في الاقتصادات المتقدمة لأعلى مستوى له خلال 40 عاماً، ففي الولايات المتحدة بلغ 8.6% الشهر الماضي، في أسرع وتيرة منذ عام 1981، وارتفعت أسعار السلع الاستهلاكية في منطقة اليورو 8.1%، وهي أعلى بكثير من نسبة 2% التي كان يستهدفها البنك المركزي الأوروبي.
لا تتحكم البنوك المركزية في بعض المشكلات التي تؤدي إلى رفع التضخم، مثل الارتفاع الشديد في أسعار الطاقة والغذاء واضطرابات سلاسل التوريد.
ودعت دراسة صندوق النقد الدولي الاقتصادات الصاعدة والنامية إلى استخدام سياسة نقدية أكثر تيسيراً في الداخل، لتعويض بعض الارتفاع في أسعار الفائدة العالمية، وذلك من خلال استقلالية القرار بعيداً عن تأثير الأوضاع المالية العالمية. ولفتت إلى أن كثيراً من البنوك المركزية في الأسواق الصاعدة استطاعت تيسير السياسة النقدية أثناء الجائحة، حتى في ظل هروب رؤوس الأموال.
وأفادت بأن الاقتصادات التي تتسم بنوكها المركزية بدرجة أكبر من الشفافية، ويتم صنع القرارات المالية فيها على نحو أكثر اعتماداً على القواعد، وتتمتع بتصنيفات ائتمانية أعلى، تمكنت من تخفيض أسعار الفائدة الأساسية بنسبة أكبر أثناء الأزمة.
ونظراً لاستمرار القدرة العالية على تحمل المخاطر في الأسواق المالية العالمية حتى الآن، وإمكانية حدوث المزيد من التمييز السوقي في المستقبل، فإن الوقت ملائم حالياً لكي تقوم الأسواق الصاعدة بإطالة أجل استحقاق الدين، والحد من عدم اتساق العملات في الميزانيات العمومية، والقيام عموماً باتخاذ خطوات لتعزيز الصلابة المالية، وفق الدراسة.
وترى أن الوقت ملائم لتعزيز شبكة الأمان المالي العالمية – أي نظام الترتيبات على غرار خطوط تبادل العملات والمقرضين متعددي الأطراف الذين يمكنهم توفير النقد الأجنبي للبلدان المحتاجة إليه، داعية المجتمع الدولي لمساعدة البلدان في ظل السيناريوهات الصعبة. وأضافت: يمكن للتسهيلات المالية الوقائية التي يتيحها الصندوق أن تعطي البلدان الأعضاء دفعة إضافية لهوامش الأمان الواقية من التقلب المالي، كما يساعد في هذا الصدد توزيع مخصصات جديدة من حقوق السحب الخاصة التي يصدرها الصندوق.