استطاعت أغلب أسواق المال في المنطقة العربية الارتفاع خلال تداولات الستة أشهر الأولى من العام الجاري بدعم من استمرار ارتفاع أسعار النفط في ظل تصاعد التطورات الجيوسياسية الخاصة بالأزمة الأوكرانية الروسية ، في المقابل حققت أغلب البورصات العالمية هبوطاً قوياً خلال تعاملات الأشهر الستة الماضية وخصوصاً بعد اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية في نهاية فبراير الماضي إضافة لوصول مستويات التضخم لمستويات قياسية، الأمر الذي دفع أغلب البنوك المركزية وفي مقدمتها الفيدرالي لرفع الفائدة، وأظهر التوقعات باتجاه الاقتصاد لمرحلة ركود محتمل.
ومن المرجح أن تواصل أسواق المال في المنطقة العربية الارتفاع وحصد المزيد من المكاسب خلال النصف الثاني من عام 2022، في ظل تزايد شهية المستثمرين حول العالم للاتجاه للمشاركة بالاكتتابات الأولية بالمنطقة والمتواصلة حتى الآن. وكذلك توالي إطلاق المبادرات الحكومية التي تهدف لتفعيل دور القطاع الخاص والأعمال التشغيلية لقطاعي العقار والبنوك وهما من أكبر الدعائم لاقتصاديات المنطقة، إضافة إلى التفاؤل بشأن نتائج أعمال الشركات النصفية والتحسن المرتقب بها.
البورصة المصرية
من المرجح أن تشهد البورصة المصرية أداء مخالفاً للبورصات بالمنطقة وذلك مع انتظار المتعاملين محفزات ودعم يخرجها من مسارها الفني العرضي المائل للهبوط. وقال محمد جاب الله، رئيس قطاع تنمية الأعمال والاستراتيجيات بشركة بايونيرز، إن مؤشر البورصة المصرية فقد مستوى 9800 نقطة وأصبح من بعدها في اتجاه هابط بكل الآجال.
وأوضح أن مستوى 9100 نقطة الذي إن وصل إليه السوق بالجلسات الأخيرة من شهر يوليو أصبح في منطقة تشبع بيعي والذي لا يجوز معها الاستمرار في البيع حتى وإن هبطت الأسعار. ورجح أن يستمر المؤشر الرئيسي بالبدء في حركة عرضية ما بين مستويات 9100 إلى 9500 نقطة، مشيراً إلى أن المؤشر السبعيني للبورصة المصرية أيضاً يتحرك في اتجاه عرضي هابط بجميع الآجال ولن يخرج منه إلا بعد تجاوز مستوى 1810 نقاط.
الفيدرالي الأمريكي
قال رئيس قسم أبحاث السوق لدى “سبائك مصر”، طاهر مرسي: من المرجح أن تتجه الأسواق العالمية للمزيد من الهبوط مع إصرار الفيدرالي الأمريكي على رفع الفائدة بوتيرة أسرع مما كان متوقعا في محاولة منه للقضاء على التضخم المفرط في الولايات المتحدة، وهو ما يضغط على أسواق المال. وأوضح أن الهبوط المرجح يأتي في ظل تراجع التدفقات الداخلة، متأثرة بحالة عدم اليقين، وضبابية المشهد، مما يؤدي لإحجام رأس المال الأجنبي، وارتفاع حالة الحرص والحذر، مع الترقب في مقابل ارتفاع التدفقات الخارجة وتوجهها لتعظيم الاستفادة من ارتفاع الفائدة على الدولار، وهو ما يؤدي بدون شك لتراجع السيولة التي تعمل على ازدهار وانتعاش الحركة بالأسواق.
وأشار إلى أن المسار الركودي الواضح، والذي بدأ فعليا في ضرب الاقتصاد الأمريكي، والذي سيلقي بظلاله على الاقتصاد الدولي، والاقتصادات المرتبطة به بشكل كبير، على وجه الخصوص يعزز حالة اللايقين ولن يفلت من تداعياته أسواق المال بكل تأكيد. وأكد أن اقتصاديات منطقة الخليج ستكون أقل تضررا بأي موجة هبوط بالأسواق العالمية في ظل قوة اقتصادها الذي تكتسبه من أسعار النفط والطاقة بصفة المرتفعة وهي الرابح الأكبر من تصاعد الأزمة الروسية الأوكرانية.
المشاريع الاقتصادية
قالت حنان رمسيس الخبيرة الاقتصادية لدى شركة “الحرية لتداول الأوراق المالية”، من المرجح أن يختلف الأداء بين أسواق الخليج والسوق المصري خلال النصف الثاني، مشيرة إلى أن البورصة المصرية تعاني من نقص في مستويات السيولة وغياب للمستثمر الأجنبي والاكتتابات الحكومية الداعمة لعمقه إضافة لارتفاع أسعار الفائدة. وتوقعت أن تشهد الأسواق الخليجية مزيداً من الاتجاه الصاعد خلال ما تبقى من شهور بالعام الجاري، وسط السعي لتنفيذ برنامج الطروحات الحكومية العملاقة واستهداف زيادة رأسمالها السوقي من خلال الحصول على حصة لا يستهان بها في مؤشر الأسواق الناشئة والتي تمثل المدخل الأكبر للاستثمارات الأجنبية. وأشارت إلى أن تلك النظرة التفاؤلية تأتي في ظل السعي لتمثيل المشاريع الاقتصادية بأسواق المال بالمنطقة وخصوصاً المشاريع التي لها علاقة بالقطاعات ذات الأهمية القصوى والمتعلقة بالمتغيرات البيئية كقطاع الطاقة الخضراء على سبيل المثال.
معدلات التضخم
قال مينا رفيق، مدير البحوث بشركة المروة لتداول الأوراق المالية: رغم استمرار تسارع معدلات التضخم واتجاه البنوك المركزية لتشديد السياسة النقدية إلا أنه من المتوقع أن تتراجع وتيرة التسارع البيعي ومن ثم هبوط مؤشرات أغلب البورصات العربية خلال النصف الثاني من العام الجاري. وأشار إلى أنه مع تباين أداء الأسواق الخليجية وتراجع بورصة مصر بوتيرة سريعة خلال النصف الأول من العام الجاري أصبحت أسعار الشركات جاذبة لعمليات الاستحواذات وأكثر جاذبية للاستثمار من قبل المؤسسات المالية. وأكد أن استئناف برنامج الطروحات الحكومية بمصر بهدف مشاركة القطاع الخاص سيفتح شهية المستثمرين مرة أخرى للمخاطرة بالأسهم، لذا من المتوقع أن تبدأ عمليات التجميع ومن ثم عودة الصعود مجدداً بأسواق المنطقة خلال النصف الثاني من العام الجاري
أبوظبي
خلال الستة أشهر الأولى من العام الجاري والتي اشتملت تداولاته على بدء الحرب الروسية بأوكرانيا وتداعياتها على الاقتصاد العالمي، تصدرت بورصة أبوظبي قائمة الارتفاعات بين البورصات العربية، حيث ارتفع مؤشرها العام بنسبة 10.44 بالمائة، تليها بورصة الكويت بنسبة 7.91 بالمائة، تليها بورصة قطر والتي ارتفع مؤشرها الرئيسي 4.86 بالمائة.
السعودية
وارتفعت البورصة السعودية بنسبة 2.14 بالمائة، كما ارتفعت بورصتا البحرين ودبي بشكل طفيف حيث ارتفع الأول بنسبة 2.36 بالمائة والثاني بنسبة 0.86 بالمائة. فيما نزل مؤشر سوق مسقط للأوراق المالية 0.17 بالمائة وفقد المؤشر الثلاثيني للبورصة المصرية نسبة 22.79 بالمائة.