من المرجح حدوث توقفا طويلا في مسار أسعار الفائدة الأمريكية لمواجهة التضخم، وأن يحافظ البنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي على الأسعار الحالية عند مستويات مرتفعة حتى أواخر الربع الثاني من 2024، إلى أن توفر البيانات الجديدة مسارا أكثر وضوحا لصناع السياسات.
وأشار بنك QNB في تقريره الأسبوعي إلى أن استخدام الطاقة الإنتاجية لا يزال كبيرا للغاية، مما يؤدي إلى معدلات نمو في الأجور لا تتسق مع معدل التضخم الأقل من المستهدف، مؤكدا أنه ينبغي لأسعار الفائدة التقييدية أن تحد تدريجيا من النشاط وتخفض التضخم بمرور الوقت، حتى لو كان ذلك سيؤدي إلى تراجع حاد أو ركود في 2024.
ولفت التقرير إلى أن الفيدرالي الأمريكي أبقى سعر الفائدة الأساسي دون تغيير في اجتماعي اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة في نوفمبر وسبتمبر 2023، وكان القراران بمثابة توقف مؤقت في دورة التشديد النقدي، التي بدأت في مارس 2022، بعد أن أدت 11 زيادة إلى وصول سعر الفائدة على الأموال الفيدرالية لأعلى مستوياته في أكثر من 20 عاما، عند مستوى يتراوح بين 5.25 و5.5 بالمئة.
وقال التقرير: في فبراير 2023، كانت الأسواق تتوقع أن يتم فرض زيادات إضافية على الأسعار وأن يتم الإبقاء على تلك الزيادات لفترة أطول، إلا أن الأزمة المصرفية الإقليمية بالولايات المتحدة، بعد سحب الودائع من بنك سيليكون فالي بكاليفورنيا، جددت التوقعات بانتقال الاحتياطي الفيدرالي بشكل مبكر إلى إجراء تخفيضات كبيرة على أسعار الفائدة، وقد تراجعت هذه المخاوف في وقت لاحق بفضل الاستقرار السريع الذي شهدته البنوك الأميركية، وإعادة التسارع الاقتصادي الملحوظ، المدفوع بمرونة الاستهلاك، وقوة أسواق العمل.
ونوه التقرير إلى أن هذه الاتجاهات الإيجابية اكتسبت مزيدا من الزخم خلال الصيف، حيث سجل الناتج المحلي الإجمالي الأمريكي نموا استثنائيا نسبته 4.9 بالمئة على أساس سنوي في الربع الثالث، ونتيجة لذلك ظهرت مجددا توقعات بإبقاء أسعار الفائدة عند مستويات أعلى لفترة أطول.
ورجح التقرير أن يحافظ الاحتياطي الفيدرالي في ظل الأوضاع الحالية، على الأسعار الحالية حتى أواخر الربع الثاني من 2024، سيما وأنه لا يوجد حيزا كبيرا للانتقال بشكل مبكر إلى تخفيض أسعار الفائدة قبل الربع الثاني من 2024، حيث لا يزال الاقتصاد الأمريكي يشهد حالة من فرط النشاط، وهنا يشير معدل استخدام الطاقة الإنتاجية بالولايات المتحدة إلى قصور لا يزال قائما، وأن الطلب على العمالة أعلى من عدد العمال المتاحين، في حين يتجاوز النشاط الصناعي اتجاهه طويل الأجل.
ورأى التقرير أن هذه الأوضاع قد تؤدي إلى زيادات سريعة في الأسعار حال ارتفعت أسعار السلع الأساسية أو تسارع الاستهلاك المحلي، مستبعدا في ذات السياق أن يخفض الفيدرالي أسعار الفائدة قبل أن يضعف سوق العمل بشكل أكبر وتزداد الطاقة التصنيعية الفائضة، وسيكون هذا بمثابة حاجز للاقتصاد لاستيعاب الصدمات دون التعرض لخطر الزيادات السريعة في التضخم.
وخلص التقرير إلى القول : إن أسعار الفائدة لم يتم تطبيعها فحسب، بل أصبحت تقييدية بشكل كبير، مما يعني أنها أعلى من معدل التضخم الحالي 3.7 بالمئة، ومن المستوى الذي يعتبر محايدا 4.2 بالمئة، وبمرور الوقت يتوقع أن يؤثر ارتفاع أسعار الفائدة الاسمية والحقيقية على الناتج الإجمالي، مما يؤدي إلى مزيد من التعديلات الهبوطية في الطلب الكلي والنشاط الاقتصادي، وبعبارة أخرى لم يعد البنك بحاجة إلى الرفع لمكافحة التضخم، سيما و أن التدابير المتخذة، والتي عادة ما يكون لها تأثير متأخر لمدة 6 أشهر ستبدأ في إظهار مفعولها، ومن شأنها أن تؤدي إلى خفض الاستهلاك والاستثمارات للأسر والشركات، وعلى ضوئها ستتكيف أسواق العمل، ويضعف الطلب الصناعي، مما يدفع التضخم في الاتجاه الذي يريده الاحتياطي الفيدرالي.