ذكرت صحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية، أن هناك مخاطر قد يتعرض لها الاقتصاد الأمريكي مع السياسات الجديدة، بالرغم من أن توجيهات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وأوامره التنفيذية تشير لتوجه نحو اقتصاد أكثر اعتمادا على الذات ينتج المزيد من المنتجات في الداخل، ويضخ المزيد من الطاقة، ويوظف المزيد من العمال الأمريكيين. وقالت الصحيفة، في تقرير لها، إن رسائل الرئيس الأمريكي المتضاربة حول المدى الذي ستذهب إليه الرسوم الجمركية، تركت خبراء الاقتصاد في حالة من عدم اليقين الشديد بشأن التأثير المحتمل على الاقتصاد الأمريكي الذي تقدم بسرعة كبيرة وسبق نظرائه.
وأصدر الرئيس ترامب هذا الأسبوع توجيهات للوكالات الفيدرالية لإعادة النظر في علاقات الولايات المتحدة التجارية. ووعد بفرض تعريفة جمركية بنسبة 10 بالمئة على السلع القادمة من الصين و25 بالمئة على السلع القادمة من كندا والمكسيك اعتبارا من الأول من فبراير. ونقلت الصحيفة عن كاثرين روس، الأكاديمية والخبيرة الاقتصادية البارزة في مجلس المستشارين الاقتصاديين في إدارة الرئيس السابق ميشيل أوباما، أن عدم اليقين قد يعمل أيضا كتعريفة جمركية من حيث إعاقته للتجارة فهو يمنع الاستثمار في قطاعات التصدير من قبل دول أخرى.
وأوضحت الصحيفة أن العبارة تعني أن أجندة الرئيس ترامب ومستشاريه تشمل بعض السياسات التقليدية لجذب رؤوس الأموال إلى داخل الولايات المتحدة، مثل تقليل القوانين والضرائب على الشركات، بالإضافة إلى توفير الطاقة بأسعار أرخص، ولكنها تتضمن أيضا فرض التعريفات الجمركية على السلع المستوردة.
وأضافت وول ستريت جورنال أنه عند مناقشة التعريفات الجمركية المحتملة، التي يمكن أن تقلب سلاسل التوريد لبعض الشركات الأمريكية واقتصادات دول أخرى بالكامل، شبه ترامب نهجه بنهج الرئيس ويليام ماكينلي المتوفى في العام 1901. واتسمت حقبته بالتصنيع السريع بعد الحرب الأهلية التي خلقت ثروة هائلة لأمريكا، ولكنها اتسمت بعدم المساواة. ويعرف ماكينلي بمواقفه المؤيدة للتوسع الأمريكي والسياسات الاقتصادية الحمائية، مثل فرض رسوم جمركية عالية لحماية الصناعة الأمريكية.
ونقلت الصحيفة عن ترامب قوله: “لقد جعل الرئيس ماكينلي بلادنا غنية للغاية من خلال الرسوم الجمركية والمواهب”، واصفا إياه بأنه كان رجل أعمال بصورة طبيعية. وأشارت الصحيفة إلى أنه لتحقيق الرئيس ترامب أهدافه، فإنه يستخدم اقتصادا قويا يشهد نموا مستمرا، ولا يزال معدل البطالة منخفضا، وتجاوز نمو الأجور بالساعة الزيادات الإجمالية في الأسعار منذ مايو 2023. وتسجل ثروات الأسر أرقاما قياسية.
ونقلت الصحيفة عن إيرني تيديشي، كبير خبراء الاقتصاد في مجلس المستشارين الاقتصاديين بإدارة بايدن، أنه “إذا كنا منغلقين على أنفسنا ونحاول القيام بكل شيء، بدلا من التركيز فقط على ما نجيده، فمن المحتمل أن تتآكل ميزة الإنتاجية لدينا بمرور الوقت. وأضاف أنه لم يكن النمو مشكلة أمريكية، لكن قد تكون كذلك إذا سعينا فجأة إلى سياسة اقتصادية أكثر انعزالية.
ويخشى بعض خبراء الاقتصاد، وفقا للصحيفة، من أن يساعد الانغلاق على الداخل في إعادة إشعال التضخم الذي انتقده الرئيس ترامب باعتباره جزءا من حملته الناجحة لاستقطاب المزيد من الناخبين من ذوي الدخل المنخفض.
وأشارت إلى أنه في الأشهر الأخيرة، ارتفعت العوائد على ديون الحكومة طويلة الأجل (بسبب توقعاتهم لزيادة التضخم ورفع أسعار الفائدة في المستقبل)، وهذه الديون تؤثر على تكاليف الاقتراض. وهذا يعد بمثابة “إطلاق تحذير” يشير إلى أن خفض الضرائب وتقليص الهجرة في اقتصاد نشط أو متزايد قد يؤدي إلى زيادة التضخم ورفع أسعار الفائدة.
وذكرت الصحيفة أن الرئيس ترامب وعد ببذل جهود أكثر توسعا تعتمد على الوقود الأحفوري لحماية الولايات المتحدة من المنافسة الأجنبية، مضيفة أن الدولار الأمريكي القوي يهدد الشركات التي تبيع السلع والخدمات في الخارج. وفي الوقت نفسه، يبدي مستثمرو الطاقة في وول ستريت عداءهم الصريح لشعار ترامب “احفروا، يا صغار، احفروا” لتعزيز إنتاج النفط والغاز القياسي بالفعل وخفض تكاليف الطاقة.
ويعتقد خبراء الاقتصاد، وفقا للصحيفة، أن الحرب التجارية التي خاضتها إدارة ترامب الأولى مع الصين، فضلا عن الرسوم الجمركية على سلع مثل الألومنيوم والصلب والغسالات، أدت إلى ارتفاع أسعار هذه السلع. ومن الممكن أن يكون للرسوم الجمركية الشاملة التي وعدت بها الولايات المتحدة الآن تأثير اقتصادي أكثر اتساعا.
ورأت الصحيفة أن دفع الرئيس ترامب نحو “صنع في أمريكا” يشير في بعض النواحي إلى تسريع سياسات عهد بايدن لتعزيز التصنيع المحلي في مواجهة الصناعات الصينية، حيث استهدفت إدارة بايدن التعريفات الجمركية، وتعهدت بمئات المليارات من الدولارات لدعم الطاقة المتجددة وتصنيع الرقائق والبنية الأساسية.
ونقلت عن بن هاريس، مدير برنامج الدراسات الاقتصادية في مؤسسة “بروكينجز” ومساعد وزير الخزانة للسياسة الاقتصادية في إدارة بايدن أن ما فعله ترامب في الإدارة الأولى هو استخدام خطاب الحمائية، ولكن مع تبني أجندة سياسية أكثر اعتدالا إلى حد كبير. كما نقلت عن روبرت ميري، الكاتب المختص، قوله: إنه إذا انتهى الأمر عند مجرد التهديد، فإنه لن يكون أول رئيس حمائي يتراجع عن موقفه.
وكان ماكينلي يروج لنفسه لسنوات باعتباره رجل تعريفات جمركية، لكنه وفي نهاية المطاف، دعا إلى تبني نهج أكثر تبادلية مع الشركاء التجاريين؛ بهدف مساعدة الشركات الأميركية على الوصول إلى الأسواق الأجنبية، وفقا لما أوردته الصحيفة.