تتنافس دول الشرق الأوسط لزيادة إنتاجها من الهيدروجين الأخضر لدوره في خفض انبعاثات الكربون المسببة لارتفاع حرارة الأرض وتوحش المناخ، لتشكل مستقبل إنتاج الطاقة النظيفة في الشرق الأوسط، وهي مصر، والإمارات، والسعودية، والمغرب، وعمان، والعراق، والجزائر، وقطر، وموريتانيا، وفق دراسة أصدرها المركز المصري للدراسات الاستراتيجية.
فقد أعلنت مصر استثمار 83 مليار دولار في مشروعات الطاقة والهيدروجين الأخضر، ما أثار انتباهاً كبيراً لأهمية الاستثمار في الطاقة النظيفة والهيدروجين الأخضر وأهميته .
وفي هذا السياق، ذكر معتز قنديل، خبير الطاقة الرئيس الإقليمي لشركة فورتسكيو لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وآسيا الوسطى، أن الهيدروجين الأخضر العضو الأبرز حالياً في عائلة الطاقة المتجددة ومستقبل الطاقة النظيفة للعالم، حيث من المتوقع أن يمثل ما يقارب 22% من الطاقة المستخدمة في العالم بحلول العام 2050.
وتوقع المسؤول بالشركة الدولية المنفذة لمشروعات في دول عربية وآسيوية عدة أن يبلغ حجم السوق العالمي ما يزيد على 12 تريليون دولار، فيما تم إنتاج الهيدروجين الأخضر حالياً على نطاق محدود، ولكنه سيصبح ضرورياً جداً في بناء اقتصاديات صديقة للبيئة مستقبلاً لأنه سيحل محل الوقود الأحفوري في الزراعة والشحن والصناعات الثقيلة.
ووصف عميد كلية هندسة الطاقة بالجامعة البريطانية في مصر الدكتور عطية عطية، المنطقة العربية بأنها خصبة لإنتاج الهيدروجين الأخضر، خاصة الإمارات التي اتخذت خطوات كبرى في إنتاجه، بجانب التعاقد مع شركات عالمية متخصصة.
وأضاف عطية أن الدول تتجه لإنتاج الهيدروجين الأخضر الذي يتم استخلاصه من تبخير المياه المالحة، وبالتالي طاقة متجددة، ويمكن هنا أيضاً الإشارة لتجربة المغرب التي كان لها سبق واضح في الصناعات القائمة على الطاقة المتجددة. وأشار الخبير في الطاقة إلى أن أغلب إنتاجات الهيدروجين الآن من الغاز والزيت والفحم، وهناك مبادرات في المنطقة حالياً لإنتاجه واستراتيجية عامة لتقليل استخدام الحرق في إنتاج الكهرباء، حيث يعطي الهيدروجين 3 أضعاف الطاقة الناتجة من الوقود الأحفوري.
وقال عطية: إن العالم حالياً ينتج حوالي 120 مليون طن تقريباً من الهيدروجين الأخضر، حيث يتم إنفاق 150 مليار دولار، بينما يخطط الوصول إلى استثمارات بقيمة 600 مليار دولار في العام 2050، وهي استثمارات يجب أن تكون المنطقة العربية في القلب منها، لكونها أكثر المناطق احتواء على طاقة البترول والغاز».
وكشف الخبير في الطاقة الدكتور مدحت يوسف عن أن الحرب الروسية الأوكرانية أثبتت عدم اهتمام الدول الأوروبية بمنظومة الطاقة الجديدة والمتجددة، اعتماداً على الغاز الطبيعي من روسيا والنرويج والجزائر عبر خطوط أنابيب، والمسال من دول عدة من خلال شبكات داخلية.
إلا أن الموقف ازداد تعقيداً بعد توقف روسيا عن إمداد أوروبا بالغاز الطبيعي لتواجه ارتفاعاً مذهلاً في الأسعار، وتلجأ للفحم والطاقة النووية والأحفورية لتزداد التأثيرات المناخية السلبية على الكرة الأرضية.
وأضاف أن الهيدروجين الأخضر ومشتقاته جاء ليكون البديل الأنسب للغاز الطبيعي والطاقة الأحفورية، إلا أن إنتاجه كان في بداية تطبيق التكنولوجيا الخاصة به فأصبحت تكلفته أكثر من ثلاثة أضعاف الطاقة الأحفورية، وبالتالي عدم قدرة الدول النامية على تحمل تلك التكلفة المضاعفة، خصوصاً في ظل تفاقم الموقف الاقتصادي لمعظم الدول جراء الجائحة والحرب الروسية الأوكرانية ومعاناة الشعوب من آثار التضخم الكبير.
وأشار إلى أن الأمر فرض على الدول العظمي الاستثمار في إنتاج الهيدروجين الأخضر من خلال تمويل إنشاء تلك المحطات، ومن خلال مِنح للدول التي تتمتع بأعلى معدل يومي لسطوع الشمس وعلى فترات زمنية طويلة خلال العام، وجاءت دول شمال أفريقيا كأنسب المواقع لتلك المزايا مع قربها لأوروبا.