توقعت قناة “يورو نيوز” الإخبارية أن يهيمن ارتفاع أسعار الغاز الطبيعي وحالة عدم اليقين المتزايدة على توقعات الطاقة بالنسبة لأوروبا، خاصة مع قدوم الشتاء. وأردفت القناة، في تقرير لها، أن أسعار الغاز الطبيعي المرجعية في أوروبا في ارتفاع، مما يشير إلى حالة من عدم اليقين بشأن كفاية الإمدادات وزيادة الطلب مع اقتراب أوروبا من الشتاء الثالث منذ الحرب الروسية الأوكرانية.
ووفقا لوكالة “بلومبيرغ” الاقتصادية فقد ارتفعت أسعار الغاز 45 بالمئة هذا العام، نتيجة تصاعد التوترات في أوكرانيا، مضيفة أنه بالرغم من أن الأسعار أدنى بكثير من مستوياتها القياسية المسجلة في عام 2022، إلا أنها لا تزال مرتفعة بما يكفي لتعميق أزمة غلاء المعيشة للأسر وزيادة الضغوط التنافسية على الشركات المصنعة المتضررة بالفعل.
إلا أن “يورونيوز” أشارت إلى أنه ومع ذلك، يبدو أن احتياطيات الغاز الطبيعي اللازمة متوفرة ومضمونة في الوقت الراهن. ونقلت القناة الإخبارية عن الدكتور يوسف الشمري، رئيس كلية لندن لاقتصاديات الطاقة، أنه لا يزال عدم اليقين يهيمن على الأسواق، على الرغم من توافر احتياطيات كافية من الغاز.
وأضاف أن سعة تخزين الغاز في الاتحاد الأوروبي بلغت 90 بالمئة في أغسطس، واليوم بلغت سعة تخزين الغاز 95 بالمئة، أي أكثر من 100 مليار متر مكعب.
بيد أن القناة الإخبارية ذكرت أنه ومع ذلك فإن الطلب المتزايد على التدفئة والكهرباء بسبب انخفاض درجات الحرارة، قد اختبر بالفعل قدرات الإنتاج في الأسابيع الأولى من شهر نوفمبر الحالي.
ونقلت “يورونيوز” عن “جي آي إي” -المنظمة التي تمثل مشغلي البنية التحتية للغاز في أوروبا- أن درجات الحرارة المنخفضة الأخيرة أدت إلى زيادة عمليات سحب الغاز من المخزون في أوروبا في أول أسبوعين من شهر نوفمبر، حيث تم استغلال ما يقرب من 4 بالمئة (4.29 مليار متر مكعب) من سعة تخزين الغاز الكاملة في أوروبا.
كما نقلت عن الشمري أن مستويات التخزين لن تكون مرتفعة بحلول ربيع 2025 كما كانت في نهاية الشتاء السابق في أبريل 2024، عندما بلغت 60 بالمئة من السعة.
وأضاف يبدو أنه في هذا الشتاء قد تنخفض إلى أقل من 50 بالمئة، مما يعني أن أوروبا ستحتاج إلى شراء المزيد من الغاز في العام المقبل، لاستعادة تخزين الغاز إلى مستويات شبه كاملة.
من جانبها، ذكرت وكالة “بلومبيرغ” أن مخزونات الغاز لعبت دورا حيويا في تأمين إمدادات الطاقة خلال الفترات الباردة، لكنها تعرضت هذا العام لضغوط شديدة، بسبب زيادة الطلب على التدفئة نتيجة برودة الطقس، إلى جانب تراجع الرياح الذي استلزم استخدام مزيد من الغاز لتوليد الكهرباء.
ونقلت عن ماركوس كريبر، الرئيس التنفيذي لشركة “آر دبليو إي” في تصريحات أطلقها مؤخرا أنه لا تزال لديهم مشاكل في إمدادات الغاز، مضيفا أنهم إذا أرادوا الاستقلال عن الغاز الروسي، فإنهم بحاجة إلى زيادة قدرات الاستيراد، ويحتمل أن يشهدوا تحديات مشابهة مجددا هذا الشتاء، لأن منشآت تخزين الغاز تفرغ بسرعة نتيجة بداية الشتاء البارد.
وأوضحت أنه في ظل التوترات المتزايدة، فرضت الولايات المتحدة عقوبات على “غازبروم بنك” الذي يعد آخر مؤسسة مالية كبرى مستثناة من العقوبات والمكلفة بتسوية مدفوعات الغاز الروسي.
وأشارت الى تأكيد محللي شركة “إنيرجي أسبكتس” أنه ورغم أن أوروبا خفضت اعتمادها على روسيا، فإن خسارة أحد المسارات القليلة المتبقية للغاز المنقول عبر خطوط الأنابيب قد تزيد من الضغط على السوق وتدفع الأسعار العالمية للارتفاع.
وذكرت “بلومبيرغ” أنه في ذروة أزمة الطاقة عام 2022، اتخذت ألمانيا إجراءات لشراء الغاز بشكل سريع وإلزامي وتخزينه من الأسواق العالمية بأسعار قياسية. ولتخفيف بعض الأعباء المالية الناتجة عن هذه الخطوة، فرضت برلين ضريبة تخزين الغاز، التي يتحملها التجار أو شركات المرافق عن الإمدادات المارة عبر ألمانيا.
ونقلت الوكالة الاقتصادية عن أرني لوهمان راسموسن، كبير المحللين في “غلوبال ريسك مانجمنت” أن الوضع الحالي يشبه سيناريو عام 2022، حيث اشترى الاتحاد الأوروبي الغاز بأي ثمن، وقد يتكرر هذا المشهد العام المقبل، خاصة إذا تزامن مع ارتفاع كبير في الطلب الآسيوي.
كما نقلت عن فاتح بيرول، المدير التنفيذي لوكالة الطاقة الدولية، حيث حذر من أن أوروبا بحاجة إلى تأمين احتياطات كافية لفصل الشتاء إذا توقف نقل الغاز الروسي عبر أوكرانيا، بعد انتهاء اتفاقية العبور بين البلدين في الأول من يناير المقبل.