يمكن أن يكون أسبوع العمل لمدة أربعة أيام بمثابة الترياق لمعالجة إرهاق الموظفين وزيادة إنتاجية العمل، هذا ما تتجه الحكومات إلى تبنيه وكذلك القطاع الخاص. وفي الولايات المتحدة يدرس الكونغرس تشريعاً من شأنه تقليل أسبوع العمل القياسي إلى 32 ساعة دون خفض الأجور.
هذا ما تشير إليه نتائج تجربة استمرت ستة أشهر وشارك فيها آلاف الموظفين إلى أن العمل لمدة أربعة أيام فقط بدلاً من خمسة يقلل من إرهاق الموظفين مع تعزيز الإنتاجية والاحتفاظ بمعنويات الفريق العالية.
مؤخراً، نشرت شركة Exos، وهي شركة مقرها الولايات المتحدة ولديها أكثر من 3000 موظف حول العالم، نتائج الأشهر الستة الأولى من تجربتها التجريبية لمدة أربعة أيام في أسبوع العمل، والتي بدأت في الربيع الماضي وما زالت مستمرة.
وتقوم شركة Exos بتدريب الرياضيين المحترفين وتدير برامج العافية للشركات بما يقرب من 25% من شركات Fortune 100، بما في ذلك Adobe وHumana.
وغزا الاتجاه لتقليص ساعات العمل، برامج عمل الشركات لتحسين بيئة العمل فيها، بعد جائحة كوفيد-19، حيث فتحت العديد من الشركات الآن أبوابها بالكامل وتطلب الشركات من موظفيها استئناف العمل من المكتب، ومع ذلك، وبالنظر إلى مرونة العمل من المنزل والتوازن بين العمل والحياة الذي شهده العديد من الموظفين أثناء الوباء، تسمح العديد من أماكن العمل الآن بثقافة العمل لمدة 4 أيام في الأسبوع.
وفي الآونة الأخيرة تعاظم هذا الميل إلى خفض ساعات العمل في كل أنحاء العالم. التجربة التي أجرتها Exos ليست الأولى في الولايات المتحدة ولا في العالم. ففي شهر فبراير الماضي، بدأت ألمانيا بتجربة ثقافة أسبوع العمل لمدة 4 أيام لمدة ستة أشهر. ووفقاً لاقتراح النقابات العمالية، تهدف الفكرة إلى معرفة ما إذا كانت ثقافة أسبوع العمل لمدة 4 أيام ستنجح بالفعل، وهل سيصبح الموظفون أكثر سعادة وصحة وأكثر إنتاجية.
ألمانيا ليست الدولة الأولى ولا الوحيدة التي اختارت برنامج العمل لمدة 4 أيام في الأسبوع، بل سبقها إلى ذلك دول أوروبية أخرى. وفي عام 2022، أصبحت بلجيكا أول دولة في الاتحاد الأوروبي تطبق ثقافة أسبوع العمل لمدة 4 أيام. وبحسب البيانات الحكومية، تتمتع هولندا بأقصر أسابيع عمل في المتوسط في العالم، حيث يعمل الناس هناك لمدة 29 ساعة فقط ولمدة 4 أيام فقط في الأسبوع.
وفي الدنمارك تقتصر ساعات العمل في الأسبوع بـ 33 ساعة، وفقاً لتقرير صادر عن منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية. بدورها، تستثمر الحكومة الإسبانية 50 مليون يورو في تجربة أسبوع عمل مدتها 4 أيام، لمدة ثلاث سنوات، ومن المتوقع أن تشارك فيه ما يقرب من 200 شركة في إسبانيا.
وفي البرتغال يعمل المواطنون 4 أيام فقط في الأسبوع في كل من القطاعين العام والخاص. وفي الجانب الآخر من الكرة الأرضية، يوجد 20 شركة في أستراليا تعتمد أسبوع عمل مدته 4 أيام ولمدة 38 ساعة في الأسبوع.
وعلى الرغم من أن العمل الكثيف ميزة في “كوكب اليابان” المتقدم كما يحلو للناس تسميتها، فقد شجعت السياسة الاقتصادية السنوية الصادرة في عام 2021 في اليابان، الحكومة والشركات على العمل 4 أيام في الأسبوع، الأمر الذي يسمح للموظفين بقضاء وقتاً أطول خارج العمل.
وفي عام 2022، اتبعت المملكة المتحدة أسبوع عمل مدته 4 أيام، شاركت 61 شركة وأكثر من 300 موظف في التشغيل التجريبي. وانتقل الموظفون الذين يتقاضون رواتب في Exos والذين شاركوا في التجربة إلى أسبوع عمل مدته أربعة أيام و40 ساعة دون أي تغيير في الأجر، في حين تم منح الموظفين الذين يتقاضون أجورهم بالساعة خيار العمل بين 32 و40 ساعة خلال الأسبوع، وفق ما يقول كبير مسؤولي الأفراد في Exos غريغ هيل، لـ CNBC Make It.
الهدف هو أن تكون سياسة العمل مرنة وتتيح للموظفين من الراحة وتجديد طاقاتهم بطريقة فعالة. وتطبق هذه السياسة مع قاعدة هامة: لا يمكنك إرسال رسائل إلى الموظفين أو محاولة تنظيم اجتماعات في أيام الجمعة.
وكشفت التجارب أن أسبوع العمل لمدة 4 أيام يمكن أن يؤدي إلى انخفاض مستويات التوتر. وفي الولايات المتحدة، يدعم ما يقرب من 81% من العاملين بدوام كامل أسبوع عمل مدته أربعة أيام، وفقاً لتقرير Bankrate الصادر في يوليو 2023، والذي شمل 2367 شخصاً بالغاً. و يكتسب أسبوع العمل المكون من أربعة أيام زخماً في الكونغرس الأميركي، حيث قدم السيناتور بيرني ساندرز، الجمهوري عن ولاية فيرمونت، تشريعاً من شأنه تقليل أسبوع العمل القياسي إلى 32 ساعة دون خفض الأجور.
مشروع قانون ساندرز مشابه لمشروع قانون موجود في مجلس النواب، الذي كان قد قدمه النائب الديمقراطي مارك تاكانو من كاليفورنيا في مارس 2023. وكان تاكانو قد قدم التشريع في الأصل في عام 2021، لكنه فشل في التقدم في الكونغرس.
ويتوقع قادة الأعمال والمليارديرات على حد سواء أن تصبح أسابيع العمل المرنة هي القاعدة. و من جانبه، يعتقد رئيس IAC وExpedia، باري ديلر أن الشركات ستنتقل في النهاية إلى العمل في المكتب أربعة أيام في الأسبوع، مع خيار مرن حول يوم الجمعة.