العجز التجاري في الولايات المتحدة لايزال أوسع بكثير من مستوياته السابقة قبل تفشي جائحة فيروس كورونا ، و هناك احتمالات لاحتفاظه بهذا المستوى لفترة من الوقت. ويمثل العجز التجاري في الفارق بين الواردات (السلع والخدمات التي يستوردها البلد) والصادرات (السلع والخدمات التي يصدرها البلد)، وهو يعكس كمية المال التي يتعين على البلد إنفاقها أكثر مما يكسبه من التجارة الخارجية.
وفي يوليو، سجل العجز التجاري الأمريكي 65 مليار دولار معدلة موسميا، مقارنة بـ63.7 مليار دولار في يونيو. على الرغم من ارتفاع الواردات في هذا الشهر، إلا أن الزيادة كانت أقل مما توقعه المحللون، حيث توقعوا عجزا أعلى بمقدار 68 مليار دولار. وذكرت “وول ستريت جورنال” الأمريكية في تقريرها، أن الناتج المحلي الإجمالي في الربع الثاني من العام، قد يكون أقوى بقليل مما تم الإعلان عنه، ويبدو أن نمو الناتج المحلي الإجمالي في الربع الثالث أكثر دقة مما توقعه الاقتصاديون. وأشارت الصحيفة أيضا إلى أن العام الماضي، شهد فجوة تجارية أوسع بكثير، حيث بلغ متوسط العجز الشهري 79.3 مليار دولار، بيد أنها ذكرت أن هذا انخفاض العجز التجاري لايزال بعيدا عن مستوياته قبل جائحة ، ففي عام 2019، كان متوسط العجز الشهري 46.6 مليار دولار.
وفيما يتعلق بأسباب العجز التجاري في الولايات المتحدة، أوضحت الصحيفة أن الارتفاع الكبير في العجز جاء نتيجة مجموعة من العوامل، أهمها زيادة التفضيل للسلع على حساب الخدمات، سواء داخل الولايات المتحدة أو خارجها. وأشارت إلى بيانات وزارة التجارة حيث أظهرت زيادة بنسبة 17.3 بالمئة في الإنفاق الاستهلاكي المعدل على السلع في الربع الثاني مقارنة بالربع الأخير من عام 2019.
وعلى الرغم من استمرار المستهلكين في استعادة بعض نشاطاتهم الروتينية في أنشطة مثل السفر والذهاب إلى السينما، إلا أن الإنفاق على الخدمات ارتفع بنسبة لا تتجاوز 5.4 بالمئة فقط. وأشارت الصحيفة إلى أن معظم الخدمات محلية المصدر، في حين تستورد الولايات المتحدة الكثير من السلع. وعلى وجه الخصوص، زادت واردات السلع الاستهلاكية مثل الهواتف المحمولة والمستحضرات الصيدلانية، إلى جانب أشباه الموصلات، حسبما أظهر تقرير الأربعاء.
وأردفت الصحيفة أن الولايات المتحدة تعتبر واحدة من أكبر القوى التصديرية في مجال الخدمات، وهذا لم يكن كذلك أيضا. فقد بلغ العجز في تجارة السلع في يوليو 90 مليار دولار، في حين سجل فائض تجارة الخدمات 25 مليار دولار، وهو ما زال أقل من مستويات عام 2019.
وبالنسبة إلى الصين، قالت الصحيفة إن ضغط الصين على استهلاك المنتجات الأمريكية هو شيء آخر يجب مراعاته. فمثلا تشمل الخدمات التي تصدرها الولايات المتحدة، صناعة الأفلام، ولكن مبيعات شباك التذاكر للأفلام الأمريكية في الصين قد انخفضت بشكل كبير مما كانت عليه قبل الجائحة. ورأت الصحيفة أنه يمكن أن تحتاج التوترات الجيوسياسية إلى تهدئة لكي يتحسن هذا الوضع.
وسافرت جينا ريموندو وزيرة التجارة الأمريكية إلى بكين وشنغهاي، مؤخرا، لمناقشة العلاقات التجارية بين الولايات المتحدة والصين، والتحديات التي تواجهها الشركات الأمريكية ومجالات التعاون المحتملة. وأمضت ريموندو، وهي أول وزيرة تجارة أمريكية تزور الصين منذ سنوات، وقتها في محاولة استعادة الاتصالات مع نظرائها الصينيين. وقال وانغ وينتاو، وزير التجارة الصيني، حينها إن بكين مستعدة أيضا للعمل مع واشنطن، وأضاف أن العلاقات الاقتصادية الثنائية مهمة ليس فقط للبلدين، ولكن لبقية العالم.
كما تطرقت “وول ستريت جورنال” إلى ضعف العديد من وجهات التصدير الأمريكية، حيث نما الاقتصاد الأمريكي بشكل أسرع بكثير من اقتصاد منطقة اليورو، بينما تراجع الناتج المحلي الإجمالي في المملكة المتحدة مقارنة بمستوياته قبل الوباء. وقد أدى ارتفاع الدولار الأمريكي، مقارنة بما كان عليه قبل الوباء، إلى إضعاف الطلب العالمي على المنتجات الأمريكية، مما جعل المنتجات المستوردة أكثر جاذبية محليا.
وعلى الرغم من تباطؤ الاقتصاد الأمريكي، فإن الإنفاق الاستهلاكي المرن ساعد في تعزيز التجارة الأمريكية. ولكن يمكن أن يتضاءل هذا التأثير مع تشديد البنك المركزي على الفائدة بسرعة، نظرا لارتفاع التضخم وحاجة إلى تهدئة الطلب في أكبر اقتصاد في العالم. واختتمت الصحيفة بقولها إن تقليص الفجوة التجارية، في عالم يسعى إلى التعافي من التأثيرات السلبية للجائحة قد يساهم في دفع الاقتصاد الأمريكي إلى الأمام.
وفي سياق متصل أغلقت مؤشرات الأسهم الرئيسية في بورصة وول ستريت الأمريكية على انخفاض في ختام تعاملات أمس الأربعاء وهبط المؤشر ستاندارد اند بورز 500 بواقع 31.05 نقطة، أو 0.69 بالمئة، ليغلق عند 4465.78 نقطة، كما خسر المؤشر ناسداك المجمع 148.48 نقطة، أو 1.05 بالمئة، مسجلا 13873.99 نقطة عند ختام التعاملات. وتراجع المؤشر داو جونز الصناعي 201.61 نقطة، أو 0.58 بالمئة، لينهي التداول عند 34440.36 نقطة.