ذكرت صحيفة فايننشال تايمز البريطانية، أن مسحا جديدا لملفات شركات أمريكية كشف أن أكثر من نصف أكبر الشركات في الولايات المتحدة ترى أن الذكاء الاصطناعي يشكل خطرا محتملا على أعمالها، ويسلط هذا المسح الضوء على كيف يمكن للتكنولوجيا الناشئة أن تؤدي إلى تحول صناعي كاسح. وذكرت الصحيفة، في تقرير لها، أن 56 بالمئة من الشركات المدرجة في قائمة فورتشن 500، أشارت إلى الذكاء الاصطناعي باعتباره “عاملا خطرا” في أحدث تقاريرها السنوية، وفقا لبحث أجرته “ArizeAI”، وهي منصة بحثية تتعقب ما تفصح عنه الشركات الكبرى، وأضافت الصحيفة أن هذه النسبة تمثل قفزة مذهلة من 9 بالمئة فقط في عام 2022.
وأشارت الصحيفة إلى أنه في المقابل فإن 33 شركة فقط من أصل 108 شركات ناقشت الذكاء الاصطناعي التوليدي (التكنولوجيا القادرة على إنشاء نصوص شبيهة بالنصوص البشرية وصور واقعية) رأت في هذا المجال فرصة، حيث قالت هذه المجموعات في تقاريرها السنوية، إن الفوائد المحتملة تشمل الفعالية من حيث التكلفة والفوائد التشغيلية وتسريع الابتكار، بينما وصفت أكثر من ثلثي هذه المجموعة الذكاء الاصطناعي التوليدي بأنه يشكل خطرا.
وذكرت الصحيفة أن هذا يشير إلى أن تأثير الذكاء الاصطناعي التوليدي أصبح محسوسا بالفعل عبر مجموعة من الصناعات وفي غالبية أكبر الشركات المدرجة في الولايات المتحدة. وزادت أن تقنية التعلم الآلي التنبؤية شهدت ازدهارا كبيرا على مدار العامين الماضيين منذ إطلاق OpenAI لبرنامج الدردشة الشهير ChatGPT في نوفمبر 2022. ومنذ ذلك الحين، استثمرت شركات التكنولوجيا الكبرى عشرات المليارات من الدولارات لتطوير أنظمة الذكاء الاصطناعي القوية، وتم إطلاق مئات الشركات الناشئة للاستفادة من فرصة التغيير.
وذكرت فايننشال تايمز أن من بين شركات “فورتشن 500” ، فإن مخاطر الذكاء الاصطناعي المذكورة في التقارير المالية السنوية لها هذا العام تشمل زيادة المنافسة، حيث إن هناك خشية من أنها قد تفشل في مواكبة المنافسين الذين يستغلون التكنولوجيا بشكل أفضل. وأضافت أن الأضرار المحتملة الأخرى تشمل القضايا المتعلقة بالسمعة أو التشغيل، مثل التورط في المخاوف الأخلاقية بشأن التأثير المحتمل للذكاء الاصطناعي على حقوق الإنسان والعمالة والخصوصية، مشيرة إلى أن بعض الصناعات تشعر بالقلق بشأن الذكاء الاصطناعي أكثر من غيرها.
ونقلت صحيفة فايننشال تايمز عن أكثر من 90 بالمئة من أكبر شركات الإعلام والترفيه في الولايات المتحدة، تأكيدها هذا العام أن أنظمة الذكاء الاصطناعي سريعة النمو تشكل مخاطرة تجارية، وكذلك 86 بالمئة من مجموعات البرمجيات والتكنولوجيا. كما نوهت الصحيفة بأن أكثر من ثلثي شركات الاتصالات المدرجة ضمن قائمة “فورتشن 500” وأكثر من نصف شركات الرعاية الصحية والخدمات المالية وتجارة التجزئة والمنتجات الاستهلاكية والفضاء الجوي، أصدرت نفس التحذير للمستثمرين. وأضافت الصحيفة أنه على سبيل المثال، حذرت شركة “نيتفليكس”، من أن المنافسين قد يتفوقون عليها من خلال نشر الذكاء الاصطناعي، وهو ما من شأنه أن يؤثر على “قدرتنا على المنافسة بشكل فعال وقد تتأثر نتائج عملياتنا سلبا”.
ونقلت عن مجموعة الاتصالات موتورولا: “الذكاء الاصطناعي قد لا يعمل دائما كما هو مقصود وقد تكون مجموعات البيانات غير كافية أو تحتوي على معلومات غير قانونية، أو متحيزة أو ضارة أو مسيئة، مما قد يؤثر سلبا على أرباحها وسمعتها”. وأشارت إلى أن بعض الشركات تطرقت إلى المخاطر المالية المرتبطة بالاستخدام المتطور لأنظمة الذكاء الاصطناعي، مثل التكاليف المتزايدة وغير المتوقعة.
ونقلت عن شركة “سيلز فورس”، وهي شركة برمجيات تقدر قيمتها بنحو 250 مليار دولار، إن تبنيها للذكاء الاصطناعي “يطرح قضايا أخلاقية ناشئة” فيما يتعلق بجمع البيانات والخصوصية. وقالت، إن هوامش أرباحها قد تتأثر بـ”عدم اليقين” حول تطبيقات الذكاء الاصطناعي الناشئة، مما يعني أنها قد تضطر على الأرجح إلى تخصيص استثمارات أكبر لتطوير واختبار نماذج جديدة. ولفتت الصحيفة إلى أن المخاطر القانونية والتنظيمية والأمن السيبراني المتعلقة بالذكاء الاصطناعي أيضا مواضيع مشتركة بين شركات “فورتشن 500”.
ونقلت تحذيرا لشركة ديزني العملاقة للترفيه من أن “القواعد التي تحكم تطورات التكنولوجيا الجديدة” مثل الذكاء الاصطناعي التوليدي “لا تزال غير مستقرة”، وهو ما قد يؤثر على نموذج أعمالها الحالي مثل تدفقات الإيرادات لاستخدام ملكيتها الفكرية وكيفية إنشاء منتجات ترفيهية. كما حذرت مجموعة فياتريس للأدوية، التي انبثقت عن شركة فايزر، من أن استخدام حلول الذكاء الاصطناعي من قبل الموظفين أو الموردين “قد يؤدي إلى الكشف العلني عن معلومات سرية”، بالإضافة إلى “الوصول غير المصرح به” للبيانات الشخصية المتعلقة بالموظفين أو المشاركين في التجارب السريرية أو غيرهم، وفقا للصحيفة.
واختتمت فايننشال تايمز، أن من بين الشركات القليلة التي روجت للذكاء الاصطناعي، فقد قالت: إن الذكاء الاصطناعي التوليدي يعمل على تحسين أجزاء من العمل مثل خدمة العملاء ومعالجة العينات وتحليل المطالبات.