تنتظر سوق التأمين المصرية صدور القرارات التنظيمية من هيئة الرقابة المالية الخاصة بالتشريع الجديد قريبا مما سيفتح الباب أمام العديد من المستثمرين الراغبين في العمل في أنشطة التأمين متناهي الصغر في تأسيس كيانات خاصة بهم بعد سماح القانون بوجود كيانات متخصصة في ذلك النشاط. ومن المتوقع أن يساهم انضمام شركات الرعاية الصحية TPA تحت اشراف هيئة الرقابة المالية بعد السماح بتأسيس شركات تأمين طبي متخصصة في زيادة حجم أقساط نشاط التأمين الطبي في السوق بمليارات الجنيهات.
وقد شهدت صناعة التأمين في مصر نقلة نوعية كبيرة خلال العام الجاري من خلال صدور قانون التأمين الموحد رقم 155 لسنة 2024 وذلك بعد مرور 43 عاما على العمل بالتشريع السابق له وهو القانون رقم 10 لسنة 1981.
وسوف يشهد قطاع التأمين المصري ضخ استثمارات جديدة كبيرة منها ما يتعلق مع التوافق مع ما نص عليه القانون الجديد من زيادة رؤوس أموال الشركات القائمة أو سماح بتأسيس شركات تأمين جديدة متخصصة في أنشطة التأمين الطبي والتأمين متناهي الصغر فضلا عن اخضاع شركات إدارة برامج العلاج الطبي لهيئة الرقابة المالية وإعداد سجل خاص بها.
كما تضمن التشريع الجديد عددا كبيرا من التأمينات الإجبارية لحماية المجتمع وزيادة الوعي التأميني للمواطنين وزيادة حجم أقساط السوق فضلا عن أن القانون يشمل مواد خاصة بالتطوير التكنولوجي والحوكمة وتنظيم نشاط التكافل وتطوير المهن المرتبطة بالتأمين مثل الوساطة التأمينية.
ومن جهته أكد الدكتور محمد فريد، رئيس الهيئة العامة للرقابة المالية أن إصدار قانون التأمين الموحد يعتبر من أهم التطورات التي شهدها قطاع التأمين في مصر خلال العام الحالي ولافتا إلى أن ذلك يأتي ضمن جهود تحسين مستويات الشمول التأميني. واعتبر فريد القانون الجديد خطوة على طريق تطوير وتنظيم ورقمنة المعاملات المالية وتعزيز استخدام التكنولوجيا المالية ومشيرا إلى أن ذلك يساعد في زيادة أعداد المستفيدين من التغطيات التأمينية كما يحمي حقوق حملة الوثائق.
وكشف عن تشكيل الهيئة لجان متخصصة ومجموعات عمل من أجل إعداد وصياغة الضوابط والقرارات التنفيذية بما يتناسب مع متطلبات السوق واحتياجات القطاع بالتوازي مع النهج المستمر بإجراء حوار مفتوح مع كافة الأطراف ذات الصلة للاستماع إلى آرائهم ومقترحاتهم لتعزيز الأثر التنموي للتشريع و تيسير وتسريع إنفاذ القرارات.
وأشار إلى أن أهداف القانون الجديد هي تعزيز مساهمة التأمين في الناتج المحلي الإجمالي وزيادة قاعدة المستفيدين من خلال التأمينات الإجبارية والتأمين الزراعي والتأمين متناهي الصغر والتأمين الطبي المتخصص.
وأوضح أن الهيئة تعكف في الوقت الحالي على الانتهاء من صياغة قواعد حوكمة شركات التأمين والتي ستنظم تشكيل مجالس إدارات شركات التأمين بالشكل الذي يعطي تنوع الخبرات بالمجلس وبصفة خاصة خبرات التأمين وتمثيل الأعضاء المستقلين داخل المجلس والعنصر النسائي. ولفت أن تلك القواعد ستنظم اللجان المنبثقة عن مجالس إدارة الشركات سواء لجان رقابية مثل لجان المراجعة الداخلية ولجان المخاطر أو بعض من اللجان التنفيذية الهامة كلجان التكنولوجيا والاستثمار وغيرها من اللجان التنفيذية الأخرى والحد الأقصى لمرات الانعقاد والبدلات المنصرفة عنها وكذا الإفصاح عن المخصصات المالية لأعضاء مجلس الإدارة، كما تحدد تلك القواعد متطلبات الوظائف الرقابية ومهامها وكذا وضع سياسات لمنع تعارض المصالح وتحديد متطلبات الإفصاحات المطلوبة من كل شركة.
وأكد انه يتم حاليا العمل على صياغة قرارات أخرى تشمل التأسيس والترخيص، وأنشطة الوساطة، وصناديق التأمين، متطلبات رأس المال لشركات التأمين، إعادة التأمين، الطبي المتخصص والتأمين متناهي الصغر ولافتا إلى أن ذلك يساعد في تحقيق التوازن بين استقرار السوق وتطويره، وتواصل الهيئة العمل من خلال اللجان المتخصصة على وضع مسودات القرارات واللوائح التنفيذية المتعلقة بالقطاع. وأوضح فريد أن الهيئة ستمضى وستكمل رسم السياسات اللازمة لتعزيز كفاءة وتنافسية قطاع التأمين لزيادة دوره في الاقتصاد القومي ومساهمته في الناتج المحلي الإجمالي
والجدير بالذكر أن القانون الجديد استحدث العديد من التأمينات الإجبارية، وسمح لمجلس إدارة الهيئة اقتراح مجموعة من التأمينات الإلزامية المناسبة للسوق المصرية وفقاً لدراسات فنية متخصصة ويصدر بها قرار من مجلس الوزراء.
ويشار إلى أنه قد أفرد القانون أنواع من تلك التغطيات منها التأمين على الأصول الحكومية، والتأمين ضد مخاطر الطلاق، والتأمين ضد المخاطر الإلكترونية السيبرانية، وكذلك بعض وثائق المسئوليات المهنية.
وسمح القانون بمشاركة شركات التأمين في تأسيس مجمعة للأخطار الطبيعية كما منح التشريع مجلس إدارة الهيئة سلطة اقتراح إنشاء مجمعات أخرى بناء على دراسات تعد لهذا الغرض.
واستحدث القانون إمكانية إطلاق شركات تأمين متناهية الصغر بحد أدنى 30 مليون جنيه لراس المال وذلك بهدف تسريع وتيرة تحقيق الشمول التأميني وتوفير الحماية الاجتماعية للفئات الأكثر عرضة للمخاطر، مما يتيح لها مزاولة تأمينات الأشخاص والممتلكات معًا.
واستهدف القانون مزاولة نشاط التأمين الطبي المتخصص (بنوعيه قصير وطويل الأجل) بالشكل الذي يتطلب معه قيام شركات التأمين الطبي المتخصصة (HMO) بتقنين أوضاعها ودخولها تحت مظلة قانون التأمين ورقابة الهيئة مما يساهم في زيادة حجم أقساط السوق.
ويذكر أنه قد حدد قانون التأمين الموحد متطلبات القاعدة الرأسمالية للجهات المرتبطة بنشاط التأمين مثل شركات الوساطة التأمينية وشركات الخبرة “معاينة – إستشارية- اكتوارية” وكذا شركات الرعاية الطبية التي تدير شبكات التأمين الطبي وقد أعطى القانون الحق لمجلس إدارة الهيئة في تحديد رؤوس الأموال بحدود دنيا لكل نشاط في ضوء المتطلبات الفنية والمالية والتكنولوجية اللازمة لكل نشاط على حدة.
ومن جانبه أوضح الدكتور إيهاب أبو المجد رئيس مجلس إدارة الجمعية المصرية لشركات إدارة الرعاية الصحية أن القانون الجديد أشار إلى الحدود الدنيا لرؤوس أموال شركات التأمين الطبى المتخصصة HMO بمبلغ 60 مليون جنيه وحدد الحد الأدنى لرؤوس أموال شركات إدارة برامج الرعاية الصحية TPA بمبلغ 15 مليون جنيه. وتوقع أبو المجد أن تشهد سوق الرعاية الصحية فى مصر حركة اندماجات واستحواذات خلال الفترة القادمة وخاصة بالنسبة للشركات التى ترغب فى العمل فى التأمين الطبي، وذلك بهدف خلق كيانات كبيرة قادرة على المنافسة والنجاح. والجدير بالذكر أن القانون عّرف نشاط شركات إدارة برامج الرعاية الصحية على أنها تتولى مسئولية جميع الأعمال الإدارية المرتبطة بوثائق التأمين الطبى التى تصدرها كيانات التأمين، وذلك كطرف ثالث بين الأخيرة والعميل، على النحو الذى تحدده هيئة الرقابة المالية.
وقد سمح القانون للهيئة بالترخيص بإنشاء شركات متخصصة يقتصر غرضها على مزاولة التأمين الطبى بنوعيه القصير وطويل الأجل.
ونص القانون أنه لا يجوز لأى شركة مزاولة نشاط إدارة برامج الرعاية الصحية TPA إلا بعد الحصول على ترخيص بذلك من الهيئة، والقيد لديها فى سجل يعد لهذا الغرض.
وسمح القانون لشركات إدارة برامج الرعاية الصحية أن تقوم بإدارة البرامج ذاتية التمويل لصالح المؤسسات أو الهيئات أو أصحاب الأعمال، على أن يقوم العميل بسداد تكاليف الرعاية الصحية بالكامل. ووفقا للتشريع لا يجوز لشركات إدارة برامج الرعاية الصحية ممارسة نشاط التأمين أو تحمل الخطر تحت أى مسمى أو تحديد أقساط أو اشتراكات سابقة أو لاحقة فى برامجها تحت أى مسمى أو تحصيلها من العميل.
ويشار كذلك إلى أن القانون الجديد قد رفع الحد الأدنى لرؤوس أموال شركات وساطة التأمين إلى 5 ملايين جنيه بدلا من مليوني جنيه في التشريع السابق له.
ونص القانون أنه تنشأ اتحادات غير هادفة للربح للأشخاص المرخص لهم من الهيئة بمزاولة المهن التأمينية أو الأنشطة المرتبطة بالتأمين المسجلين بسجلات الهيئة، وتتمتع هذه الاتحادات بالشخصية الاعتبارية المستقلة، وتعد من أشخاص القانون الخاص، وتسجل في سجل خاص بالهيئة. كما يجوز أن يضم الاتحاد أكثر من مهنة أو نشاط من الأنشطة المرتبطة بالتأمين، ولا يجوز إنشاء أكثر من اتحاد للمهنة أو النشاط الواحد.
وألزم القانون الأشخاص المرخص لهم من الهيئة بمزاولة المهن التأمينية أو الأنشطة المرتبطة بالتأمين المسجلون بسجلات الهيئة الاشتراك في عضوية الاتحاد المعني بالنشاط بمجرد تسجيله بالهيئة، ومراعاة نظامه الأساسي.
ومن جهته أكد المهندس عادل شاكر رئيس مجلس إدارة الجمعية المصرية لوسطاء التأمين أن أهداف الاتحاد هي العمل على تنمية مهارات العاملين والتنسيق مع الهيئة في المسائل المشتركة وتسوية المنازعات بين الأعضاء وتوثيق الصلة بين الاتحاد وغيره من الاتحادات الأخرى في الداخل والخارج.
وأضاف شاكر أن من ضمن مزايا التشريع الجديد هي تحديد موعد التجديد للوسطاء كل خمس سنوات وليس كل ثلاثة أعوام كما كان في القانون السابق له مما يخفف من عبء تلك الاجراءات. وأشار إلى أنه من المتوقع أن تشهد الفترة القادمة تأسيس شركات وساطة متخصصة في بعض أنواع التأمين مثل التأمين الطبي أوالتأمين متناهي الصغر.
ومن جانبه توقع علاء الزهيري رئيس الاتحاد المصري للتأمين حدوث طفرة في القطاع بعد اقرار القانون الجديد حيث اشتمل التشريع على العديد من المواد التي تدعم قوة الملاءة المالية لشركات القطاع فضلا عن البرامج التأمينية الإلزامية التي ستعمل ليس فقط علي نمو حجم أقساط سوق التأمين وإنما ستكون أيضا بمثابة داعم للمواطنين من حيث التغطيات التي يجب أن تتوافر لحمايتهم وكذلك ستكون عاملا هاما في زيادة الوعي التأميني. ويشار إلى أن القانون الجديد حدد 250 مليون جنيه حد أدنى لرؤوس أموال شركات التأمين بدلا من 60 مليون جنيه في التشريع السابق له. وأضاف الزهيري أنه يوجد العديد من الفرص التي يجب أن يستغلها قطاع التأمين لتحقيق أعلي معدلات نمو ومنها القانون الجديد الموحد للتأمين والذي استحدث أنواع لشركات تأمين متخصصة جديدة مثل التأمين متناهي الصغر والتأمين الطبي .
وبدوره أوضح عمر جودة ، عضو مجلس الادارة المنتدب والرئيس التنفيذي لشركة مصر للتأمين، أن قانون التأمين الموحد الجديد يعد تطورًا شاملاً في قطاع التأمين بمصر ولافتا إلى أن التشريع استهدف توحيد كافة القوانين المتعلقة بالتأمين تحت مظلة واحدة وتوسيع نطاق التأمين ليشمل فئات لم تكن مشمولة سابقًا ، ويعمل على ادخال انواع جديدة من التأمين.
وأضاف جودة أن القانون يساهم في دعم التحول الرقمي في قطاع التأمين عبر تسهيل المعاملات المالية باستخدام التكنولوجيا المالية فضلا عما تضمنه القانون من تطوير للتأمين الإجباري على المركبات، مع زيادة مبلغ التأمين المدفوع في حالات الوفاة أو العجز الكلي إلى 100 ألف جنيه، بدلا من 40 ألف جنيه ومعتبرا أن ذلك يعكس حرص الدولة على تحسين مستوى الحماية الاجتماعية في ظل الظروف الاقتصادية المتغيرة.
وكشف أنه بعد اصدار قانون التأمين الموحد أصبح هناك العديد من الفرص التي يمكن من خلالها إحداث نمو و تطور في قطاع التأمين و التغلب علي التحديات التي تواجهه وذلك من خلال زيادة الوعى التأمينى للأفراد والترويج لمجموعة متنوعة من المنتجات التأمينية التى تلبى مختلف احتياجات فئات المجتم.
واعتبر أن ذلك يساعد في التوسع في التأمين متناهي الصغر ومخاطبة شرائح جديدة من العملاء وتوفير الخدمة التأمينية لهم أينما كانوا فضلا عن ابتكار طرق تسويقية جديدة ومبتكرة للوصول للعملاء والدخول في شراكات وابرام بروتوكولات من شأنها الاستفادة من التطور التكنولوجي لاتباع وابتكار طرق سريعة للوصول للعملاء بجانب الاستفادة من التحول الرقمي من أجل جذب المزيد من العملاء خاصة بعد اتاحة الفرصة لشركات التأمين بالتعاون مع الشركات المتخصصة لمساعدتها فى تسويق وثائقها لتعزيز مستويات الشمول التأمينى.
ويذكر أن القانون الجديد ضم العديد من التأمينات الإجبارية مثل تأمينات المسئوليات المهنية بجميع أنواعها كشرط مـن شـروط التـرخيص بمزاولة النشاط أو المهنة والتأمين ضد حوادث الطرق السريعة المتميزة ذات الرسوم بجانب التأمين ضد حوادث السكك الحديدية ومترو الأنفاق فضلا عن التأمين على طلاب المدارس والمعاهـد الأزهريـة والمعاهـد والجامعـات بما في ذلك طلاب جامعة الأزهر والمعاهد التابعة لها إلى جانب تغطيات التأمين ضد المخاطر الإلكترونية لجميع المنشآت العاملة بال قطاعـات المالية غير المصرفية والتأمين ضد المخاطر التي قد تتعـرض لهـا المرافـق العامـة والأصـول المملوكة للدولة.
وتشمل التغطيات الإجبارية أيضا التأمين ضد مخاطر حالات الطلاق والتأمين متناهى الصغر ضد حالتى الوفاة والعجز الكلى المستديم وكذلك التأمين ضد المخاطر التي يتعرض لها المصريون في الخارج. وقد سمح القانون للمهن والأنشطة المرتبطة بالتأمين بتأسيس اتحادات لها وهي الخبراء الاكتواريون وخبراء التأمين الاستشاريون وخبراء تقييم الأخطار، خبراء معاينة وتقدير الأضرار بجانب وسطاء التأمين ووسطاء إعادة التأمين فضلا عن شركات إدارة برامج التأمين الطبي.