بريطانيا ستواجه جملة من التحديات خلال العام الجاري 2024 “عام الانتخابات”، حيث سيكافح الاقتصاد من أجل تحقيق النمو، في الوقت الذي تتعرض فيه الأسر والشركات في الدولة الأوروبية لضغوط تتمثل في ارتفاع سعر الفائدة، الذي يؤدي إلى ارتفاع تكاليف الاقتراض، كما يعاني البريطانيون من ارتفاع الضرائب وتكاليف المعيشة.
وأشارت صحيفة “الجارديان” البريطانية: في تقرير لها، إلى أنه في الوقت الذي أعلن فيه ريشي سوناك رئيس الوزراء البريطاني تحقيق هدفه الاقتصادي المتمثل في خفض التضخم إلى النصف في عام 2023، فإن بنك إنجلترا (البنك المركزي في المملكة المتحدة) حذر من أن البلاد تواجه فرصة ركود بنسبة 50 في المئة.
وأكدت الصحيفة أنه ومع ذلك فإن هناك مخاطر من استمرار ارتفاع التضخم وسط التوترات الجيوسياسية وسوق العمل الضيق في المملكة المتحدة، مضيفة أن البنك المركزي يراقب عن كثب وجود مؤشرات لاستمرار التضخم ناتجة عن نمو الأجور والأسعار في قطاع الخدمات.
وذكرت الصحيفة أن أحدث الأرقام الرسمية تشير إلى أن هناك تباطؤا في النشاط الاقتصادي تم تسجيله مؤخرا، مع انكماش الناتج المحلي الإجمالي بشكل غير متوقع في أكتوبر 2023، في وقت تقع فيه الأسر في المملكة المتحدة تحت ضغط تكاليف الحياة المرتفعة.
وأردفت الصحيفة أن معدل التضخم انخفض من نسبته المرتفعة في يناير 2023، حيث كان يبلغ 10 بالمئة، ليصل إلى 3.9 بالمئة في نوفمبر 2023، مدفوعا بشكل أساسي بتراجع أسعار الطاقة، إلا أن الصحيفة شددت على أنه ومع ذلك، ظل المعدل السنوي ثابتا عند مستويات أعلى مما كان متوقعا، حيث تواجه المملكة المتحدة أعلى معدل في مجموعة السبع.
وأضافت “الجارديان” أنه بينما من المتوقع أن يستمر التضخم في الانخفاض في عام 2024، يتوقع البنك المركزي أن يظل أعلى من هدفه الذي حددته الحكومة حتى نهاية عام 2025، وهو الشيء الذي من شأنه أن يجعل الضغوط تستمر على الأسر، موضحة أن انخفاض التضخم لا يعني أن الأسعار تنخفض، بل يعني أنها ترتفع بسرعة أقل.
وفي وقت سابق، شدد بنك إنجلترا على أنه من السابق لأوانه الحديث عن خفض أسعار الفائدة، على الرغم من أن التباطؤ الأخير في معدل التضخم المرتفع ساعد على زيادة الرهانات في الأسواق المالية، على أن سعر الفائدة قد ينخفض إلى 3.75 بالمئة بحلول نهاية العام المقبل من أعلى مستوى له خلال 15 عاما عند 5.25 بالمئة.
وذكرت الصحيفة أن الأسواق المالية تتوقع أن يؤدي تباطؤ التضخم وضعف النمو الاقتصادي إلى إجبار البنك المركزي في المملكة المتحدة على البدء في خفض أسعار الفائدة من المستوى الحالي البالغ 5.25 بالمئة اعتبارا من أوائل الصيف، حيث تبدأ البنوك المركزية في جميع الاقتصادات المتقدمة في خفض أصعب زيادة في تكاليف الاقتراض لعقود.
وأظهرت بيانات رسمية محدثة أن الناتج المحلي الإجمالي لبريطانيا انكمش في الفترة من يوليو إلى سبتمبر بعد استقراره في الأشهر الثلاثة السابقة، حيث أكد مكتب الإحصاء الوطني أن الناتج المحلي الإجمالي للبلاد انكمش 0.1 بالمئة في الربع الثالث من هذا العام.
ونقلت الصحيفة عن مكتب مسؤولية الميزانية في بريطانيا توقعات له في نوفمبر الماضي بأن ينمو اقتصاد المملكة المتحدة بشكل أبطأ خلال السنوات المقبلة، مشيرة إلى أن هذه التوقعات تعد أكثر تفاؤلا بعض الشيء عن توقعات البنك المركزي، الذي يتوقع نموا بنسبة 0.7 في المئة لعام 2024، وهو ما يظل أقل من نصف متوسط معدل النمو السنوي بين عام 1998 والأزمة المالية في عام 2008.
وذكرت الصحيفة أنه من المتوقع أن يؤثر ضعف النشاط وارتفاع تكاليف الاقتراض بشكل كبير على خطط التوظيف لدى أصحاب العمل في عام 2024، حيث تشير التوقعات بارتفاع البطالة على مدار العام.
ونسبت الصحيفة توقعات لمكتب مسؤولية الميزانية بأن ترتفع البطالة إلى ذروتها، لتصل إلى 1.6 مليون شخص (4.6 بالمئة من القوة العاملة) بحلول الربع الثاني من عام 2025، ارتفاعا من المستوى الحالي البالغ حوالي 1.5 مليون بنسبة (4.2 في المئة)، مشيرة إلى أنه مع ضعف الطلب على التوظيف وتباطؤ التضخم، فإنه من المتوقع أن ينخفض متوسط نمو الأجور السنوي إلى حوالي 3.7 بالمئة في عام 2024، و2.2 بالمئة في عام 2025، بانخفاض عن الذروة البالغة حوالي 8 بالمئة في عام 2023.
كما تطرقت “الجارديان” إلى الضرائب في المملكة المتحدة، حيث قالت الصحيفة: إن الضرائب كحصة من الاقتصاد في طريقها للوصول إلى أعلى مستوياتها المستدامة منذ حكومة كليمنت أتلي العمالية في فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية من عام 1945 إلى عام 1951، حتى بعد أن قام وزير الخزانة البريطاني جيريمي هانت بخفض التأمين الوطني وعرض الإعفاء الضريبي على الاستثمار التجاري.
وذكرت الصحيفة أن دورة بنك إنجلترا الأكثر قوة لرفع أسعار الفائدة منذ عقود أدت إلى ارتفاع في تكاليف الإسكان، مما أدى إلى إطلاق قنبلة موقوتة في سوق الرهن العقاري، مضيفة أن العديد من الملاك قاموا بزيادة الإيجار الذي يتقاضونه أو باعوا العقارات لتعويض تكاليف الاقتراض المتزايدة، مما ساهم في أكبر زيادة مسجلة في إيجارات القطاع الخاص.