قالت صحيفة الجارديان البريطانية أن الاقتصاد البريطاني يسير على طريق التعافي، مضيفة أنه وبعد نهاية سيئة للعام الماضي، الذي أجبر فيه ارتفاع تكاليف المعيشة الأسر على خفض إنفاقها، تظهر الأرقام الرسمية أن النمو عاد في يناير الماضي بزيادة متواضعة بلغت 0.2 بالمئة.
وسجلت بريطانيا نموا في الناتج المحلي الإجمالي بلغ 0.2 بالمئة في يناير الماضي على أساس شهري، بدعم من تعافي قطاعي تجارة التجزئة وبناء المنازل، بعد تراجع بنسبة 0.1 في المئة في ديسمبر 2023.
ولفتت الصحيفة، في تقرير لها، أن الإشارات المبكرة تظهر أن بريطانيا تسير على الطريق الصحيح للخروج من الركود الطفيف في غضون أشهر، مدعومة بانتعاش الإنفاق الاستهلاكي وسط نمو مرن في الأجور وانحسار التضخم.
ومن جهتها قالت ليز ماكيون، خبيرة الإحصاءات بالمكتب الوطني للإحصاء في بريطانيا أمس الأربعاء، إن “الاقتصاد تعافى في يناير بدعم من النمو القوي في تجارة التجزئة والجملة، وكان أداء قطاع التشييد أيضا جيدا، وشهدت شركات التطوير العقاري للمنازل شهرا جيدا، بعد أداء ضعيف خلال معظم فترات العام الماضي”.
بيد أن الصحيفة ذكرت أن هذا لا يعني أن الاقتصاد يتسارع للأمام، أو أن النهضة في مستويات المعيشة تنتظرنا، مضيفة أنه بينما تبدو الأرقام إيجابية للوهلة الأولى، فإن الصورة الأوسع لا تزال صورة الركود النسبي.
وأوضحت أنه وعلى مدى الأشهر الثلاثة حتى يناير الماضي، انخفض الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 0.1 في المئة، في حين لا يزال الاقتصاد أصغر مما كان عليه عندما أصبح ريشي سوناك رئيسا للوزراء في بريطانيا في أواخر عام 2022.
وأردفت الجارديان أن النمو كان بالقرب من الصفر منذ ذلك الحين، كما أن ناتج الفرد لا يزال أقل مما كان عليه قبل جائحة كورونا ، والأجور الحقيقية لا تزال قيمتها أقل مما كانت عليه في عام 2008.
وأشارت إلى أنه إذا أرادت بريطانيا تحاشي الوقوع في الركود، فإن عليها إتمام شهرين آخرين بالإضافة لشهر يناير السابق دون أن يكون هناك انخفاض حاد في إجمالي الناتج المحلي، لتكون بذلك أكملت ثلاثة أشهر.
وذكرت الصحيفة أن اقتصاديين في شركة “كابيتال إيكونوميكس” الاستشارية يعتبرون أن الانخفاضات الشهرية بأكثر من 0.3 في المئة خلال فبرايرالماضي ومارس الجاري ستكون ضرورية لحدوث ربع سنوي سلبي آخر، مضيفة أن هذا يبدو غير مرجح.
وذكرت الجارديان أنه لن يتم إصدار الأرقام الرسمية للربع الأول من العام الحالي قبل 10 مايو المقبل، مما يعني أن رئيس الوزراء من المرجح أن يخوض الانتخابات المحلية في الثاني من شهر مايو، مضيفة أن ذلك تاريخ محتمل لإجراء انتخابات وطنية، وعندها يكون الاقتصاد لا يزال في حالة ركود من الناحية الفنية.
وأردفت أن هناك أسبابا تشير إلى أن الاقتصاد قد تجاوز المنعطف، فقد انخفض التضخم من أكثر من 10 بالمئة قبل عام إلى 4 بالمئة، في حين ظل نمو الأجور مرنا والبطالة منخفضة، مشيرة إلى أنه من المتوقع أن تستفيد الأسر من انخفاض فواتير الطاقة اعتبارا من أبريل المقبل.
ولفتت إلى أن هناك آمالا في أن يبدأ بنك إنجلترا في خفض أسعار الفائدة اعتبارا من الصيف (يبدأ في يونيو المقبل)، حيث تراهن الأسواق المالية على التخفيض الأول اعتبارا من يونيو أو أغسطس المقبلين، مضيفة أن ذلك سيعتمد على مرونة سوق العمل والأجور والأسعار في قطاع الخدمات.
إلا أن الصحيفة أشارت إلى أنه من المتوقع أن يظل النمو الاقتصادي منخفضا نسبيا هذا العام، بينما تستمر الأسر في التكيف مع تكاليف المعيشة المرتفعة بشدة عما كانت عليه قبل صدمة التضخم، كما ذكرت أن هناك تحديات طويلة الأمد فيما يتعلق بالإنتاجية، ووصفتها بأنها تشكل عقبة رئيسية أمام نمو اقتصادي أقوى، وسط توقعات بطيئة للاستثمار في الأعمال التجارية وضعف الاستثمار في القطاع العام.
واوضح التقرير أنه في أفضل الأحوال، يتوقع مكتب مسؤولية الميزانية، وهو هيئة الرقابة الاقتصادية التابعة لوزارة الخزانة في بريطانيا، نمو الناتج المحلي الإجمالي هذا العام بنسبة 0.8 في المئة.
وأضاف التقرير أن بنك إنجلترا أكثر تشاؤما في هذا الخصوص، مع توقعات بنسبة 0.25 في المئة. وتابعت الصحيفة أن الرقمين باهتان تاريخيا، حيث يحتلان مرتبة أقل بكثير من الاتجاه السنوي للنمو بين عامي 1998 و2007 بنسبة 2.75 في المئة، ونحو 2 بالمئة في العقد الذي سبق جائحة كوفيد-19.
وظل أداء الاقتصاد البريطاني متراجعا بصورة كبيرة منذ تعافيه الأولي من الجائحة، وسط تعرضه لضغوط سببها ارتفاع تكاليف واردات الطاقة، نتيجة الحرب الروسية في أوكرانيا، ومؤخرا بسبب رفع بنك /إنجلترا/ لمعدلات الفائدة.
واختتمت الجارديان تقريرها أن الخروج من الركود الضحل سيكون بمثابة تطور مرحب به، مضيفة أن النجاة من الركود ستكون تحديا أصعب.