من المرجح أن يعانى الاقتصاد الألماني، خلال العام الحالي 2024، ورجحت إذاعة صوت ألمانيا “دويتشه فيله، أن يحقق الاقتصاد الألماني انكماشا. وفي هذا الإطار عبر موريتز كريمر، كبير الاقتصاديين في بنك “لانديسبانك بادن فورتمبيرغ”، في تصريحات حول الأرقام الفصلية الخاصة بالاقتصاد الألماني، عن عدم رغبته في الجدال حول ما إذا كانت هناك زيادة بنسبة 0.2 بالمئة أو ناقص بنسبة 0.2 بالمئة، ولكن الحقيقة هي “أننا في حالة ركود”.
وذكرت “دويتشه فيله” أن الأسباب التي أدت إلى معاناة ألمانيا معروفة جيدا، حيث إن هناك تراجعا وإحجاما من قبل المستهلكين، وذلك يعود لعاملي التضخم وارتفاع الأسعار. وعلاوة على ذلك، نجد أن الاقتصاد العالمي الراكد يضع ضغوطا على المصدرين، الذين كانوا يمثلون القوة الدافعة للاقتصاد.
وأردفت “دويتشه فيله” أنه وبسبب أسعار الطاقة غير المستقرة، قامت العديد من الشركات العالمية بتعليق خططها الاستثمارية، بل والأسوأ من ذلك، أنهم يبنون قدرات إنتاجية جديدة في الخارج، في الولايات المتحدة أو الصين، بعيدا عن الاتحاد الأوروبي، مشيرة إلى أن التحول الأخضر الطموح لأكبر اقتصاد في أوروبا، والذي يقوده روبرت هابيك وزير الاقتصاد والمناخ الألماني، يكلف الكثير من المال.
وتطرقت “دويتشه فيله” إلى الخلافات التي شبت حول الميزانية في نوفمبر الماضي بعد أن قضت المحكمة الدستورية الألمانية بأن خطط الحكومة لإعادة تخصيص قروض تبلغ 60 مليار يورو (65 مليار دولار) كانت مخصصة لمكافحة فيروس كورونا 2019 لحماية المناخ وتحديث الاقتصاد.
وأشارت إلى اعتماد خطط الحكومة الألمانية بشكل كبير على هذه الأموال في السنوات المقبلة، وأن قرار المحكمة أحدث فجوة كبيرة في ميزانية عام 2024.
وذكرت “دويتشه فيله” أن البرلمان لا يمكنه ببساطة الموافقة على قروض جديدة، بسبب نظام “كبح الديون” الذي أضيف إلى الدستور في عام 2009، ويفرض قيودا صارمة على الاقتراض الجديد. وأوضحت أنه لم يكن من الممكن الموافقة على دين إضافي بقيمة 60 مليار يورو إلا من خلال إعلان وباء كورونا / كوفيد ـ19/ حالة طوارئ، وهو ما جعل من الممكن بدوره تعليق كبح الديون مؤقتا.
وأشارت إلى أن ذلك أدى إلى حالة من عدم اليقين الشديد بين الشركات والمستهلكين، وأجبر الحكومة على البحث عن خيارات الادخار، مضيفة أنه في نهاية نوفمبر الماضي، وبعد جولات من المفاوضات الشاقة، وافقت الحكومة على موازنة تكميلية لعام 2023 وعلقت كبح الديون لذلك العام.
وذكرت أنه تم تخفيض ميزانية عام 2024 بشكل كبير، مما جعل البعض يخشى من أن يؤدي خفض التكاليف المخطط له، وتقليل الدعم الحكومي وارتفاع أسعار الطاقة، إلى تباطؤ الاقتصاد بشكل أكبر، بل وحتى إلى إشعال التضخم من جديد.
وأشارت “دويتشه فيله” إلى أنه نتيجة لحكم المحكمة الدستورية، أصبحت مشاريع وزير المالية المتعلقة بالمناخ والسياسة الصناعية في خطر أيضا، حيث قدرت وزارته أن هذا قد يؤدي إلى انخفاض النمو الاقتصادي بما يصل إلى نصف نقطة مئوية.
ونقلت “دويتشه فيله” عن كارستن برزيسكي كبير الاقتصاديين في “آي إن جي”، أن قرار المحكمة الدستورية كشف عن عاملي خطر جديدين بالنسبة للاقتصاد الألماني وهما التقشف المالي وعدم اليقين السياسي.
كما نسبت لتوماس جيتزل، كبير الاقتصاديين في بنك ” في بي” أن الأمور تسير بشكل سيئ للغاية بالنسبة لألمانيا في الوقت الحالي، وأنه يجب على الحكومة أن تتحرك بشكل عاجل، حيث إن حكم المحكمة الدستورية قد يفرض على الحكومة إجراءات تقشفية قد تؤدي إلى مزيد من التباطؤ في النمو.
وذكرت “دويتشه فيله” أنه حتى قبل حكم المحكمة، كانت المفوضية الأوروبية ترى أن ألمانيا ستتأخر من حيث النمو في منطقة اليورو العام المقبل، مع زيادة متوقعة قدرها 0.8 بالمئة، في الوقت الذي لا تزال التوقعات الاقتصادية الحالية للحكومة الألمانية تفترض زيادة في الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 1.3 بالمئة لعام 2024.