أصدر قاضي ولاية ديلاور الأميريكية أمراً ببدء المحاكمة في النزاع حول صفقة الاستحواذ على تويتر في أكتوبر القادم ، الأمر الذي شكّل نكسة لإيلون ماسك بعد رفض طلبه التأجيل. ولجأت شركة تويتر إلى مقاضاة ماسك، أغنى رجل في العالم، بعد إعلان تراجعه عن صفقة الاستحواذ على المنصّة، والتي بلغت قيمتها 44 مليار دولار.
وتأمل تويتر أن تؤدي المقاضاة إلى دفع إيلون ماسك لإتمام صفقة الاستحواذ بالثمن المتفق عليه، 54.20 دولاراً للسهم الواحد. وكان ماسك قد اتهمّ تويتر بحجب معلومات تتعلّق بالحسابات المزيّفة. وطلب فريق محامي إيلون ماسك تأجيل المحاكمة إلى بداية العام التالي، نظراً لتعقيداتها. لكنّ تويتر طالبت ببدء الجلسات في سبتمب القادم
تأجيل القضية
واتفق قاضي ولاية ديلاور مع الشركة على أن تأجيل القضية، قد يعطي انطباعا “من عدم اليقين”. واتهمت الدعوى ماسك بـ “قائمة طويلة” من انتهاكات اتفاقية الاندماج التي “ألقت بظلالها على تويتر وأعمالها”. وقال كبير مستشاري تويتر ويليام سافيت في جلسة الاستماع امس الثلاثاء، إن استمرار حالة الغموض حول عملية الاستحواذ، “تلحق الضرر بتويتر يومياً”. وقال سافيت إنّ “ماسك كان ولا يزال ملزما تعاقديا ببذل قصارى جهده لإتمام الصفقة. وما يفعله هو عكس ذلك تماما. إنه تخريب”.
بينما ردّ محامي ماسك، أندرو روسمان، بأن إيلون لا يزال أحد أهم المساهمين في تويتر. وقال إنه يجب إحالة القضية إلى المحاكمة العام المقبل، وفق جدول زمني “معقول” يمنح الجانبين وقتا للاستعداد. ومنذ أن بدأ ماسك بإثارة الشكوك حول عدد الحسابات المزيفة والمتطفّلة على منصة تويتر في مايو، شهدت الشركة هبوطاً في أسعار الأسهم من أعلى مستوياتها الذي بلغ 50 دولاراً للسهم الواحد.
مناصر لحرية التعبير
ويبلغ ثمن السهم في الشركة حالياً 39.45 دولاراً – أقلّ بكثير من الثمن الذي تأمل الشركة إنها الصفقة به وهو 54.20 دولاراً للسهم. وتعهد ماسك، الذي يصف نفسه بأنه “مناصر لحرية التعبير”، بتخفيف قواعد الإشراف على محتوى تويتر بمجرد أن تنتقل إليه ملكية الشركة. كما دعا إلى مزيد من الشفافية حول كيفية تقديم المنصة التغريدات للمستخدمين – وهو نظام يسمح حاليا بالترويج للبعض ومنح جماهير أوسع. وهناك نظرية تقول إن ماسك لا يزال يريد شراء تويتر، لكنه يحاول فقط خفض السعر. إن كان الأمر كذلك، فإنّ محاميه لاعبو بوكر بارعين.
ويريد فريق ماسك القانوني أن تنعقد هذه المحكمة العام المقبل. وزعموا أنّهم بحاجة إلى المزيد من الوقت للغوص في المعلومات بحثاُ عن الحسابات المتطفّلة.
منصة اجتماعية جديدة
وكانت الصفقة قد شهدت مع نهاية مارس الماضي، توجيه ماسك ضربات لـ“تويتر“ في صورة انتقادات عبر تغريدات على حسابه، وكان تركيزه الرئيس على أن ”تويتر“ تعد ”ساحة عامة للتعبير.. لذلك لابد من التزامها بمبدأ حرية التعبير“، وهو ما كان يرى أنه لا يتحقق تحت السياسات الحالية للمنصة.
ثم بدأ أغنى رجل في العالم التلويح بفكرة تقديم منصة اجتماعية جديدة تحقق ما فشلت ”تويتر“ في تحقيقه. ولكن جاءت المفاجأة، في الرابع من أبريل/نيسان الماضي، عندما استحوذ رجل الأعمال الأمريكي على نسبة 9.2% من أسهم ”تويتر“، وهي النسبة التي جعلته في ذلك الوقت أكبر المستثمرين في الشركة.
ولكن في تلك الفترة بدأ ”ماسك“ توجيه انتقادات لاذعة لشبكة التغريدات، مثل العزوف عن استخدام المنصة من جانب عدد كبير من المشاهير والشخصيات العامة، وكذلك انتقاد سياسات المنصة في التعامل مع المحتوى المخالف، حيث يرى ماسك أنه من غير المقبول أن يتم اتخاذ قرارات بحظر أو تعليق دائم للحسابات المخالفة، ويتم الاكتفاء بالتحذير أو الحظر المؤقت.
وبعد مرور 10 أيام من إعلان استثمار ماسك في الشركة وشعور موظفي ”تويتر“ بالارتياح بعد تراجع رجل الأعمال عن الانضمام لمجلس إدارة الشركة، أعلن الملياردير الأمريكي، وهو مؤسس شركة ”سبيس إكس“ ومدير تسلا التنفيذي، عرضه للاستحواذ على ”تويتر“ مقابل 54.20 دولار للسهم، أي بصفقة إجمالية قيمتها 44 مليار دولار.
ومنذ تلك اللحظة، سيطر ”ماسك“ على اهتمام وسائل الإعلام وخبراء السوق التقني، ومستخدمي الإنترنت عمومًا، لأنه كان في طريقه للاستحواذ على واحدة من أكبر المنصات الاجتماعية، ولكن في نفس الوقت أثار حفيظة موظفي الشبكة نظرًا لسياساته وآرائه التي تتعارض بشكل كبير مع ثقافة الشركة المتأصلة في جذورها.
إلغاء العمل عن بعد
وكانت من أهم المسائل التي وقع جدل حولها هو احتمالية إجراء تسريحات جماعية في صفوف تويتر، وكذلك إلغاء العمل عن بعد، على الرغم من أن جاك دورسي، مؤسس ”تويتر“ ومديرها التنفيذي السابق، كان قد اتخذ قرارًا بإتاحة هذه الميزة للموظفين مدى الحياة، وكان قد التزم بها باراج أجراوال، مدير الشركة الحالي، ولكن ماسك اختلف معهما، فكان رأيه ضرورة العمل من مقار الشركة بشكل دائم، وهذا كان رأيه أيضًا على مستوى شركته ”تيسلا“.
استخدام المعلومات
في منتصف مايو الماضي، شكك ماسك في تقارير ”تويتر“ الرسمية بشأن نسبة الحسابات المزيفة والروبوتية من إجمالي عدد حسابات المستخدمين، والذين يبلغ عددهم 229 مليون مستخدم. وأكدت الشبكة الاجتماعية أن النسبة أقل من 5%، ولكن الملياردير لم يقتنع، وقرر تعليق الصفقة لحين حصوله على مستندات رسمية تكشف أساليب الشبكة في احتساب تلك النسبة. فحاول مدير ”تويتر“ شرح كتب رئيس ”تويتر“ التنفيذي شرحًا مفصلًا يوضح أن التقديرات الداخلية للحسابات الوهمية على منصة التواصل للأرباع الأربعة الأخيرة كانت ”أقل بكثير من 5%“، وذلك ردًا على انتقادات ماسك لتعامل الشركة مع الحسابات الزائفة.
وقال أجراوال إن تقدير ”تويتر“، الذي ظل كما هو منذ 2013، لا يمكن إعادة إنتاجه خارجيًا نظرًا للحاجة إلى استخدام المعلومات العامة والخاصة لتحديد ما إذا كان الحساب وهميًا، وهو ما لن تسمح المنصة بحدوثه حفاظًا على خصوصية المستخدمين.
ولكن ”ماسك“ استنكر تغريدات أجراوال المطولة ورد عليها ساخرًا برمز ”الفضلات“ التعبيري، معبرًا عن عدم اقتناعه. وكتب ماسك: ”كيف يعرف المعلنون ما يحصلون عليه مقابل أموالهم؟ هذا أمر أساس لسلامة تويتر المالية“. وبعد وقت وجيز من تغريداته، قال ماسك، في مؤتمر خاص في ميامي، خلال مايو/آيار الماضي، إنه يشتبه بأن الحسابات الآلية، تشكل حوالي من 20 إلى 25 % من المستخدمين، وفقًا لتغريدات الحضور.
واستمر الحال على ذلك، حتى الأسبوع الأول من يونيو الماضي، عندما أشار ماسك إلى أن ”تويتر“ تتقاعس عن تقديم البيانات المطلوبة، مما قد يترتب عليه سحب عرض الاستحواذ، لذا بعد أيام قلية من ذلك أعلنت المنصة عن استعدادها تقديم بيانات تضم أكثر من 500 مليون تغريدة تُنشر يوميًا إلى ماسك، بحسب صحيفة ”واشنطن بوست“، إلى جانب السماح له بمتابعة ”شريط“ حركة المرور اليومية في الموقع.
وفي الثامن من يوليو الجاري، أعلن ماسك عزمه على الانسحاب بشكل كامل من صفقة الاستحواذ على ”تويتر“، في إقرار رسمي تقدم به لهيئة التداول في البورصة الأميركية SEC، وكان تبرير قراره بالانسحاب من الصفقة، أن ”تويتر لم تفِ بالتزاماتها المنصوص عليها في الاتفاق“ موضحًا أن الشركة لم تزوده بكامل البيانات المتعلقة بالحسابات المزيفة.