توقع بنك قطر الوطني QNB أن تحقق الهند نموا اقتصاديا قويا رغم التحديات الهيكلية، وأن تحافظ على مسار نموها الثابت، كواحدة من أسرع الاقتصادات نموا في العالم. و رجح البنك في تقريره الأسبوعي، أن تستمر الهند في تحقيق نمو ثابت، مع توسع الاقتصاد بمعدلات قريبة من 6.5 بالمئة، في عامي 2024 و2025، إذ ستحافظ على زخم قوي مدعوما بالمساهمات الكبيرة من رأس المال، والعمالة، والإنتاجية.
واعتبر التقرير أن الهند تتحول بسرعة إلى محرك للنمو الاقتصادي العالمي..مشيرا إلى أنه خلال الفترة من 2000 إلى 2023، التي تشمل سنوات التقلبات المرتبطة بالأزمة المالية العالمية وجائحة فيروس كورونا (كوفيد-19) حققت الهند، متوسط ??معدل نمو قدره 6.5 بالمئة.
وقال التقرير: بفضل هذا الأداء المستمر، أصبحت الهند الاقتصاد السادس في العالم، حيث تمثل 8 بالمئة من الاقتصاد العالمي، ونظرا لحجمها، فإن تحقيقها لمعدل نمو يبلغ 6.5 بالمئة يضيف 0.52 نقطة مئوية إلى النمو العالمي، ما يعني ضمنا أن الهند قد تساهم بحصة كبيرة في النمو العالمي المتوقع لعام 2024، والذي تقدر نسبته بـ 3.2 بالمئة.
ولفت التقرير إلى أن الهند تمكنت من تحقيق هذا الأداء رغم العقبات الهيكلية الكبيرة حيث تعاني من الضوابط التنظيمية المشددة والبيروقراطية المجهدة، والقيود غير المتكافئة على التجارة وسوق العمل، وارتفاع تكاليف المعاملات. وتوقع البنك أن يستمر زخم النمو القوي في الهند رغم هذه الصعوبات، وأن يساهم في رفع مستويات المعيشة لنسبة كبيرة من سكانها.
وأشار إلى أنه في العام 2000، بلغ نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي في الهند 442 دولار، فيما بلغ 2,500 دولار في 2023، أي أنه أصبح ضمن النطاق الأدنى للدخل المتوسط?? وفقا لتصنيف البنك الدولي.
ويرى التقرير أنه خلال عقد آخر تقريبا، يمكن أن تتجاوز الهند عتبة الدول ذات الدخل المتوسط ??الأعلى البالغ 4,465 دولار، أي ما يقرب من 10 أضعاف مستوى نصيب الفرد في الهند قبل عقدين من الزمن.
ورجح البنك أن تحافظ الهند على مسار نموها الثابت وأن تظل واحدة من أسرع الاقتصادات نموا، بمعدلات نمو تبلغ 6.4 بالمائة في السنوات القليلة المقبلة، عازيا تقديراته إلى 3 عوامل رئيسة.
أولا، ستعمل مستويات الاستثمار المرتفعة على تعزيز الطلب الكلي وتوسيع القدرة الإنتاجية، وكنسبة من الناتج المحلي الإجمالي، تعافى الاستثمار من المستوى المنخفض، الذي بلغه في أعقاب الأزمة المالية العالمية وأثناء الجائحة، وسيظل أعلى من 30 بالمئة على المدى المتوسط، ويعود ذلك بصفة رئيسة إلى تحفيز النفقات الرأسمالية من قبل الحكومة المركزية وحكومات الولايات.
وقد تضاعفت الميزانية المخصصة من قبل الحكومة المركزية للبنية التحتية بأكثر من 3 أضعاف عما كانت عليه قبل 5 سنوات لتصل إلى 135 مليار دولار للسنة المالية 2025، وهذا الرقم أكبر بحوالي الضعف إذا تم تضمين الإنفاق على مستوى الولايات، سيما وأن الاستثمار في البنية الأساسية له مردود كبير على البلدان ذات الاحتياجات الكبيرة، وسيحقق التحسين المطلوب بشدة في السكك الحديدية، والطرق السريعة، وشبكات الكهرباء، والممرات المائية، وغيرها من البنى التحتية الحيوية الأخرى.
ومن المتوقع، على سبيل المثال، أن يرتفع عدد المطارات من 148 مطارا قبل بضع سنوات إلى 200 مطارا بحلول العام المقبل، مصحوب بنمو كبير في خدمات شركات الطيران.
وإضافة إلى خفض التكاليف اللوجستية والنقل، فإن النفقات الرأسمالية من قبل الحكومة ستشجع الاستثمار بالأعمال التجارية، ومن المعروف أن الاستثمار الحكومي له أكبر تأثير إيجابي على النشاط الاقتصادي، ويعتبر وسيلة فعالة لتحفيز الشركات الخاصة على الاستثمار.
ثانيا، سيوفر العدد الكبير والمتزايد من السكان الشباب إمدادا ضخما من العمالة لدعم الاقتصاد الآخذ في التوسع.
وأشار التقرير إلى أن الهند تفوقت مؤخرا على الصين كأكبر دولة في العالم من حيث عدد السكان، بعد أن وصل عدد سكانها إلى 1.4 مليار نسمة، ومع متوسط عمر يبلغ 28 عاما مقارنة بـ 39 عاما في الصين، فإن مشكلة شيخوخة السكان التي أصبحت منتشرة على نطاق واسع في بلدان أخرى، غير موجودة بهذه الدولة الواقعة في جنوب آسيا.
بالإضافة إلى ذلك، تبلغ نسبة المشاركة في القوى العاملة 51 بالمئة، أي بمقدار 25 نقطة مئوية أقل من الصين.
ويرجع هذا الاختلاف إلى الانخفاض الاستثنائي في معدل مشاركة المرأة في الهند الذي يبلغ 25 بالمئة، وهو أقل بنسبة كبيرة تبلغ 46 نقطة مئوية من الصين، وتؤكد الإحصاءات الإمكانات الكبيرة والاتجاهات المشجعة في زيادة المعروض من العمالة، والتي ستستمر في دعم مسار نمو الاقتصاد الهندي.
ثالثا، تم إعداد أجندة إصلاحية واسعة النطاق لتوفير دعم قوي لنمو الإنتاجية، وخلافا للاقتصادات الناشئة الأخرى في السنوات الأخيرة، كان التحسن في الإنتاجية عاملا مهما في تفسير النمو الاقتصادي، فتحرير قوانين العمل، الذي تم الترويج له في الولايات الهندية، سيسهم في إعادة التوازن في توزيع العمال من الزراعة نحو قطاعات أكثر إنتاجية.
ووفقا لصندوق النقد الدولي، فإن إنتاجية العمال في القطاع الزراعي في الهند لا تتجاوز 2.3 بالمئة من إنتاجية القطاعات الزراعية الأكثر إنتاجية في العالم، وتبلغ إنتاجية العمالة في قطاع الخدمات في الهند 18 بالمئة مقارنة بعمال الخدمات ذوي الإنتاجية الأعلى.
ولأن 46 بالمئة من القوة العاملة الهندية تعمل في القطاع الزراعي منخفض الإنتاجية، فإن تشجيع انتقال العمال إلى أنشطة أكثر إنتاجية من شأنه أن يوفر دفعة كبيرة للاقتصاد.
ولفت إلى أن الحكومة تحرز تقدما في التفاوض على اتفاقيات تجارية ثنائية جديدة، وإزالة الحواجز الجمركية وغير الجمركية المعيقة للتجارة، الأمر الذي من شأنه أن يعرض المنتجين الهنود لدرجة جيدة من المنافسة، ويساعدهم على زيادة الإنتاجية.
كما أشار التقرير إلى أن الإصلاحات جذبت استثمارات أكبر في التصنيع والتكنولوجيا من الشركات متعددة الجنسيات مثل أبل، وسامسونغ، وبوينغ، معتبرا أنه “من الآن فصاعدا، ستستمر عملية الإصلاح الجارية في لعب دور رائد في قصة النمو الهندي”.