قالت صحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية أن النمو في منطقة اليورو على وتيرته في الربع الثاني من العام الحالي، متجاهلا الانكماش غير المتوقع في ألمانيا، العضو القوي في المنطقة، لكن المخاوف من التباطؤ لا تزال قائمة. واضافت الصحيفة أنه ومع ذلك، فإن النمو البطيء لا يزال يزيد من احتمالات تحرك صناع السياسات لتعزيز الاقتصاد في الأشهر المقبلة، مشيرة أن الناتج المحلي الإجمالي ارتفع بنسبة 0.3 بالمئة بين أبريل ويونيو الماضيين، متباطئا قليلاً مقارنة بالربع الأول من العام، عندما خرج الاتحاد الأوربي من الركود الذي عانى منه طوال العام الماضي.
وذكرت أن أغلب الاقتصادات الكبرى في الاتحاد الأوروبي شهدت نمواً أفضل من المتوقع، بما في ذلك فرنسا، وإسبانيا التي سجلت قفزة كبيرة بنسبة 0.8 بالمئة. بيد أن الصحيفة اشارت إلى أنه وعلى النقيض من ذلك، انكمش الاقتصاد الأكثر أهمية في منطقة اليورو، وهو الاقتصاد الألماني، حيث سجل انكماشا طفيفا مقارنة بالربع السابق، مما أربك توقعات خبراء الاقتصاد بالتوسع المعتدل.
ونوهت أن الآمال في انتعاش يقوده القطاع الصناعي في بداية عام 2024 قد تلاشت، مع بقاء الطلب ضعيفًا وضغوط القضايا الجيوسياسية على القطاع. ونقلت الصحيفة عن يورج كرايمر، كبير الاقتصاديين في بنك كوميرز الألماني قوله”إنه وبالرغم من أن دورة زيادات أسعار الفائدة وارتفاع أسعار الطاقة تجاوزناها، فلا توجد حتى الآن أي إشارة إلى أن الاقتصاد الألماني يتعافى”.
وأضاف كرايمر أن الشركات تعاني من التراجع طويل الأمد للقدرة التنافسية الألمانية، ويعاني المستهلكون من التدهور الأخير في القدرة الشرائية الناجم عن التضخم. ونسبت وول ستريت جورنال إلى فرانزيسكا بالماس من شركة /كابيتال إيكونوميكس/ القول “أنه وبالرغم من النمو الأفضل من المتوقع المسجل في الربع الثاني، فإن منطقة اليورو متوقع أن تتباطأ في الأشهر المقبلة”، مشيرة إلى بيانات مسح أجرته شركة الأبحاث الاقتصادية البريطانية مؤخرا وأظهر ضعفا.
وتابعت أنه إذا استمر هذا الاتجاه في بقية الربع الحالي، فقد يكون الناتج المحلي الإجمالي في الربع الثالث أضعف من توقعات الشركة البريطانية البالغة 0.2 بالمئة. ولفتت الصحيفة أن تباطؤ النمو يشير إلى أن تعافي منطقة اليورو سيكون تدريجيا ومحفوفا بالمخاطر، فقد عانت المجموعة المكونة من 20 عضوا من الأزمات الاقتصادية العالمية على مدى العامين الماضيين، مشيرة أن الحرب التي بدأتها روسيا ضد أوكرانيا في فبراير عام 2022 والتي ما تزال مستمرة حتى الان قد أعاقت قطاع التصنيع الأوروبي مع ارتفاع فواتير الطاقة بشكل كبير، وضغط التضخم الناتج عن ذلك على إنفاق الأسر مع ركود الدخول الحقيقية.
وأشارت وول ستريت جورنال أن التضخم الآن يتجه نحو الانخفاض، كما تحرك البنك المركزي الأوروبي، الذي رفع أسعار الفائدة إلى أعلى مستوى لها منذ أكثر من 20 عامًا، الشهر الماضي لخفض سعر الفائدة الرئيسي لأول مرة منذ عام 2019. من جانبها، ذكرت وكالة بلومبيرغ الاقتصادية أن تسارع التضخم في ألمانيا، يمكن أن يضيف للحذر الذي ينتهجه البنك المركزي الأوربي وهو يتجه نحو المزيد من تخفيضات أسعار الفائدة.
ولفتت الوكالة إلى أن أسعار المستهلك صعدت بنسبة 2.6 بالمئة عن العام السابق في يوليو، مقارنة بأسعار المستهلك في شهر يونيو والتي سجلت ارتفاعا ايضا بنسبة بـ 2.5 عن العام السابق في نفس الشهر. وتوقع محللون في استطلاع لـ بلومبيرغ أن تظل الوتيرة مستقرة. وذكرت أنه في حين تراجعت تكاليف الطاقة بأقل مما كانت عليه في يونيو، زادت ضغوط أسعار المواد الغذائية وظلت الخدمات مستقرة. ونوهت الوكالة أنه وفي وقت سابق، أظهر تقرير منفصل تباطؤ التضخم في إسبانيا أكثر من المتوقع، مضيفة أنه من المقرر صدور قراءات التضخم في فرنسا وإيطاليا ومنطقة اليورو في وقت لاحق اليوم ، حيث يتوقع المحللون قراءة مستقرة عند 2.5 بالمئة للمنطقة.
وذكرت بلومبيرغ أنه وبالإضافة إلى تقارير النمو غير المتكافئ التي تظهر انكماشاً غير متوقع في ألمانيا، فإن أرقام التضخم ستشكل مصدراً للمعلومات لمسؤولي البنك المركزي الأوروبي الذين يحاولون تحديد ما إذا كان الاقتصاد يحتاج إلى خفض آخر في تكاليف الاقتراض.
ونسبت لبوريس فوجسيتش، عضو مجلس محافظي البنك،القول أمس، إن المزيد من البيانات ستكون متاحة في اجتماعهم المقبل في سبتمبر. وأشارت إلى أن محافظي البنوك المركزية يركزون بشكل خاص على ضغوط الأسعار المحلية لتحديد ما إذا كانت الزيادات السريعة في الأجور في أعقاب ارتفاع التضخم في السنوات الأخيرة ستترجم إلى ضغوط جديدة على التكاليف.
كما نقلت عن إيزابيل شنابل، عضو مجلس إدارة البنك المركزي الأوروبي الأسبوع الماضي، القول إن المسؤولين يراقبون عن كثب قطاع الخدمات، حيث استمرت الأسعار في الارتفاع بأكثر من ضعف هدف البنك المركزي الأوروبي البالغ 2 بالمئة. واختتمت بلومبيرغ قائلة أنه في حين لم يقدم صناع السياسات شيء يذكر من التوجيهات بشأن اتجاه أسعار الاقتراض، يتوقع المستثمرون والاقتصاديون أن يقوموا بخفض أسعار الفائدة مرتين أخريين هذا العام بعد خطوتهم الأولية في يونيو.